Page 35 - nnn
P. 35
33 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
كما كانوا ..كان العلالي هو آخر عضو تسلل من « -أقسم بمريم العذراء أنني سأقدم فرقة
الأخدود ..قال لهم لست جاسو ًسا ،وإن كان الموت الاستطلاع للمحكمة».
دلي ًل على صدقه فهو مستعد أن يموت»(.)26 « -انقدوا العلم من الوحل»(.)25
بذلك جسدت شخصية العلالي نموذ ًجا للمناضل وقد تمثل الآخر من خلال الرواية باعتباره
الذي يتحمل أعباء ومشقة السفر والخوف والقلق ذات مهزومة محطمة من حملة الناموس وحمى
الشديد من القبض عليه من قبل العدو المحتل ،وهو المستنقعات التي شكلت أكبر عائ ًقا ،إضافة إلى قوة
في طريقه لتأدية مهمته الصعبة ونقل الأخبار بين وتماسك المقاومة الوطنية ،وأمام قوة الأنا انهار
أعضاء الشبكة الوطنية للمقاومة بين جنوب المغرب الآخر وأخذ في الهروب من ساحة المعركة ككلب
يلهث وراء جنوده الذين لم يبق منهم إلا الجروح
وشرقه وغربه .وبذلك عبر عن انسجام وتعلق
الهوية الفردية التي اكتملت وانسجمت مع الهوية والكسور المتعددة.
الجماعية ،ووجدت هويتها« ،ذلك لأن لا نستطيع إذا كان الآخر تمثل في صورة من الهزيمة والقذارة
واللعنة التي لحقت بالكولونيل وجنوده ،فقد تمثلت
فصل الأنا عن النحن لأن الهوية تحقق شعو ًرا
غريز ًّيا بالانتماء إلى الجماعة والتماهي بها فتتبادل صورة الأنا من خلال رواية «زغاريد الموت» من
خلال روح المقاومة الوطنية المتمثلة في محكي
معها الاعتراف»(.)27
تحضر ثنائية الأنا والآخر أي ًضا من خلال الرواية العلالي الذي وجد ضالته التي أخلص لها دون أي
تردد ،عند انخراطه ضمن شبكة المقاومة الوطنية،
«زغاريد الموت» من خلال العلاقة التي ربطت بعد أن لاحظ اجتماع أعضائها خفية في دار الفقيه
شيمون اليهودي المغربي الأصل بمدام لانسو
الفرنسية التي جاءت إلى بني ملال رغ ًما عنها ،بعد فتتبع ذلك ،فانضم إليها بعد التأكد من إخلاصه
أن زين لها زوجها طبيعة المكان وجاذبيته وجوه وأمانته وصدق ادعائه.
المعتدل وبنى لها قص ًرا على مزاجها وكما تشتهي،
يقول السارد« ،استولت داخل أرضه دار جميلة يقول السارد« :جرى العلالي أمامه واختبأ بعي ًدا عن
بنيت على النمط الأوروبي ،بسقف مائل من القرميد الأخدود حتى اكتمل مجيء كل الأعضاء ،ثم زحف
الأحمر ،نوافذ كثيرة تشهر من كل الجوانب نه ًما نحو الشدير بتوجس شديد ،تحدث الفقيه هذه المرة
كبي ًرا لـأشعة الشمس ،وحديقة مزهرة ،وزريبة عن الحزب والزعيم بشيء من التوتر ،لا يمكن لهذا
سمعت لأول مرة في محيط القبيلة صوت الحيوان الأمر أن ينجح إلا إذا توحد المغرب في كلمة واحدة
الملعون .كان لانسو يتوقف مرا ًرا في بعض مراحل من أقصاه إلى أقصاه إلى أقصاه» ،وأخرج جريدة
البناء ،وينتظر التعليمات والرسوم الهندسية العلم من داخل جلبابه وقرأ منها بعض المقاطع ،ثم
الصادرة من مركز القيادة في مرسيليا ،حيث أخرج رزمة أوراق ملفوفة بدقة ،ولوح بها في يده
كانت زوجته ،وبمجموعة من الأقلام الملونة ،تضع «علينا أيها الإخوان بحسب تعليمات القيادة أن ننقل
اللمسات الأكثر تفصي ًل والعرضة لتقلبات مزاجها، مجال عملنا إلى القرى الجبلية المجاورة ..علينا أن
إذ كان منزل أحلامها يتخذ أشكا ًل عديدة ،ولما
كانت رغبات المدام أوامر بالنسبة للسيد فقد ورطته نوصل إليهم الجريدة والتعليمات والمناشير ()..
وعذبته الرسوم المتناقضة للمدفأة والمطبخ وبيت هذه الأوراق يجب أن تصل إلى الإخوة في واويزغت
النوم والحمام»(.)28 غ ًدا إن شاء الله ،من يتكفل بها؟ تعرفون الطريق
بذلك تحضر في الرواية ،مظاهر متعددة تعبر عن مع اشتغال بناء السد مراقبة جي ًدا ،هناك عدة
الهوية الثقافية المتعددة للآخر ،ذلك لأن كل نص
روائي يكشف من خلال بنيته عن العناصر الثقافية نقط تفتيش :من؟ خيم صمت كصمت الدوالي على
المتعددة المكونة والفاعلة في البنية الثقافية للمجتمع، الأخدود ،نكست بضعة رؤوس ( )..انزلق العلالي
حيث يشتمل المشهد الثقافي للرواية ،على التعبير على بخفة من مخبئه وانتصب أمامهم «أنا» ،ماجت كتلة
نافرة مروعة ،لم يسع ضيق المكان هياج الرجال
ولا تدافعهم للوقوف ،إلا الفقيه بقي هاد ًئا يدعوهم
بحركة من يده إلى الهدوء ومعاودة الجلوس