Page 23 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 23

‫المجلس‬                        ‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

        ‫مجلــــــــــــــــة‬

        ‫يتعلـم كل منهـا طريقـة التعايـش مـع غيرهـا‪ ،‬وبـذل فهـي بالضـرورة تفقـد هـذه الصلاحيـة فـي ظـروف‬

        ‫عصرنـا‪ .‬ولا يعنـي هـذا بتـًار للماضـي كلـه‪ ،‬كلا‪،‬‬           ‫جهـد لتحديـد مـا هـو مشـترك بيـن الحضـارة العربيـة‬
        ‫فبغيـر الماضـي لا يكـون للحاضـر هويتـه‪ ،‬وإنمـا‬             ‫وغيرهـا مـن حضـا ارت»‪ .‬هـذا الفهـم لتصحيـح‬
                                                                   ‫المفاهيـم الخاطئـة التـي تسـبب التباعـد ومخاطبـة‬
        ‫يعنـي هـذا تطويـًار وتجديـًدا‪ ،‬ليكـون حاضـر‬
        ‫الإنسـان امتـداًدا لا يكـرر الماضـي‪ ،‬وإنمـا ينبثـق‬                             ‫الآخـر باللغـة التـي يفهمهـا‪.‬‬

                                    ‫منـه كائًنـا جديـًدا‪.‬‬          ‫إن التعامـل الإيجابـي والمتفهـم مـع الآخـر‬

        ‫وختا ًمـا نقـول إنـه إذا أردنـا التجديـد والتحديـث‪،‬‬        ‫الفكـري أو المذهبـي أو الدينـي أو القومـي‪ ،‬هـو‬
        ‫فـا بـد مـن اهتمـام الإنسـان بالإتقـان ودقـة التنفيـذ‬      ‫العنصـر الأساسـي فـي حركـة التاريـخ المتقدمـة نحـو‬
        ‫لمـا يقـوم بـه مـن عمـل‪ .‬لا بـد مـن التمسـك – ليـس‬         ‫المسـتقبل‪ ،‬ولا بـد لنـا أولاً أن نتواصـل مـع أنفسـنا‪.‬‬

        ‫فقـط بالثوابـت القيميـة والدينيـة الضابطـة للسـلوك –‬       ‫مصداًقـا لقولـه تعالـى‪ِ« :‬إ َّن الّلَ لاَ ُي َغِّيـُر َمـا ِبَقـْوٍم‬
        ‫بـل أن نجعـل مـن هـذه القيـم معاييـر حيـة نابضـة‬                                ‫َحَتّـى ُي َغِّيـُروْا َمـا ِبأَْنُفِسـِهْم»‪.‬‬
        ‫نترسـمها ونهتـدي بهـا‪ ،‬لا مجـرد ألفـا ٍظ نرددهـا‪،‬‬
        ‫بحيـث يتطابـق القـول مـع الفعـل والسـلوك‪ .‬وصـدق‬            ‫فالتواصـل مـع الآخـر الغربـي بحاجـة أولاً إلـى‬
        ‫«رسـل» حيـن قـال‪« :‬إن الدنيـا هـي دنيانـا نحـن‪،‬‬            ‫حـوار ناقـد للـذات؛ لذلـك لا بـد أن يتحـد العـرب‬
                                                                   ‫فيمـا بينهـم‪ ،‬وذلـك بتفعيـل قنـوات التواصـل والحـوار‬
         ‫ويتوقـف علينـا أن نجعلهـا فردوًسـا أو جحي ًمـا»‪.‬‬          ‫بيـن مثقفـي المشـرق والمغـرب علـى اختـاف‬
                                                                   ‫توجهاتهـم‪ ،‬ولـَم شـمل النخبـة المثقفـة‪ .‬ويترتـب علـى‬
                                          ‫أهم الم ارجع‬             ‫ثقافـة الحـوار‪ :‬احتـ ارم الـ أري الآخـر واسـتيعاب فكـره‪،‬‬
        ‫	•أدونيـس (علـى أحمـد سـعيد)‪ :‬الثابـت والمتحـول‪،‬‬           ‫بشـرط ألا يـذوب طـرف فـي الآخـر‪ ،‬وأن يتـم هـذا‬
                                                                   ‫فـي حريـة‪ .‬لا يجـوز إكـ اره أحـد علـى تغييـر مـا يعتقـد‬
          ‫بحـث فـي الإتبـاع والإبـداع عنـد العـرب‪ .‬ج‪.3‬‬             ‫ويؤمـن بـه‪ ،‬ويجـب علـى أي فئـة مـا ألا تظـن أنهـا‬
                                                                   ‫تمـارس الوصايـة علـى الآخريـن‪ .‬فالأنبيـاء أنفسـهم‬
        ‫	•صدمـة الحداثـة‪ ،‬دار العـودة‪ ،‬بيـروت‪ .‬ط‪.2‬‬                 ‫لـم يمارسـوا الوصايـة علـى البشـر‪ .‬والمؤمـن الحـق‬
                                ‫‪ .1983‬صـ ‪.268‬‬                      ‫يبحـث عـن الـ أري الآخـر‪ ،‬مصدًقـا لقولـه تعالـى‪:‬‬

        ‫	‪-‬أوليفـر ليمـان‪ :‬مسـتقبل الفلسـفة فـي القـرن الواحـد‬           ‫«اَّلِذيـ َن َي ْسـتَ ِم ُعوَن اْلَقـْو َل َفَيّتَِب ُعـوَن أَ ْح َسـَن ُه»‪.‬‬
        ‫والعشـرون‪ ،‬ترجمـة مصطفـى محمـود محمـد‪،‬‬
        ‫م ارجعـة د‪ .‬رمضـان بسطاويسـي‪ .‬عالـم المعرفـة‬               ‫بدايـة رحلتنـا مـع التجديـد هـي وعـي الإنسـان‬

                                              ‫‪.301‬‬

        ‫	•_ بيتـر بروكـر‪ :‬الحداثـة ومـا بعـد الحداثـة‪ :‬ترجمـة‬
         ‫عبد الوهاب علوب‪ ،‬م ارجعة د‪ .‬جابر عصفور‪.‬‬

        ‫	•منشـو ارت المجمـع الثقافـي‪ ،‬الإمـا ارت العربيـة‬          ‫بحقيقـة الزمـان‪ ،‬والمعيـار هنـا هـو المسـتقبل‬
                          ‫المتحـدة‪ .1995 .‬صـ ‪.9‬‬                    ‫وليـس الماضـي‪ .‬فمهمـا تكـن وسـائل الماضـي‬

        ‫	•جابـر عصفـور‪ :‬أنـوار العقـل‪ ،‬الهيئـة العامـة‬             ‫الثقافيـة والحضاريـة ملائمـة لظـروف عصرهـا‪،‬‬

                                                               ‫‪23‬‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28