Page 45 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 45

‫المجلس‬                ‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬         ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

        ‫مجلــــــــــــــــة‬

        ‫فرج فودة ‪ ...‬شهيد الكلمة وال أري‬

        ‫أ‪.‬د‪ .‬حسين علي حسن أحمد‬

                     ‫القصـد وسـلمت النيـة»‪( .‬ص‪)20‬‬                        ‫أصـدر الدكتـور فـرج فـودة كتاًبـا بالـغ الأهميـة‬
                                                                         ‫بعنـوان‪« :‬قبـل السـقوط»‪ ،‬وقـد أثـار الكتـاب ردوَد‬
        ‫فـي صـدر أحـد فصـول كتابـه‪ ،‬ينطـق فـرج فـودة‬                     ‫فعـل قويـة حيـن صـدوره‪ ،‬ومـا ازل؛ منهـا اغتيـال‬
        ‫بالشـهادتين‪ ،‬فيقـول‪« :‬أشـهد أن لا إلـه إلا الله‪ ،‬وأن‬             ‫مؤلـف الكتـاب‪ .‬يقـول فـرج فـودة مخاطًبـا القـارئ‬
                                                                         ‫لكتابـه قائـاً‪ :‬إن قـار َئ الكتـا ِب سـيجد فيـه كثيـًار مـن‬
               ‫محمـًدا عبـده ورسـوله»‪ ،‬ثـم يسـتطرد قائـاً‪:‬‬               ‫الصـدق مـع النفـس‪ ،‬وقـدًار مـن حـب الوطـن عظيـم‪،‬‬
        ‫«شـهادة مـن يدفعـه منـاخ رديء إلـى رفـع شـعار‬                    ‫وحـواًار هادًئـا‪ ،‬ولـن يجـد قـارئ الكتـاب استشـهاًدا‬
        ‫الديانـة بـدلاً أو سـابًقا لشـعار المواطنـة‪ ،‬وإثباتًـا لمـا‬      ‫واحـًدا بآيـة كريمـة أو حديـث شـريف؛ لأن الحديـث‬
        ‫لا يتطلـب برهاًنـا أو تأكيـًدا‪ ،‬ومقدمـة لا بـد منهـا‬             ‫كلـه حديـث سياسـة ودنيـا وفكـر‪( .‬فـرج فـودة‪ ،‬قبـل‬
        ‫فـي مواجهـة تيـار أهـون مـا يفعلـه أن يكفـر مسـل ًما‪،‬‬
        ‫أو يرمـي مـن يختلـف معـه بسـهام الارتـداد عـن‬                                ‫السـقوط‪ ،‬القاهـرة‪ ،1985 ،‬ص‪)33‬‬

                                    ‫الديـن»‪( .‬ص‪)51‬‬                       ‫لقـد صـدر الكتـاب فـي ‪ 190‬صفحـة مـن القطـع‬
                                                                         ‫المتوسـط‪ ،‬فـي طبعـة خاصـة‪ ،‬بالقاهـرة‪ ،‬بتاريـخ ‪19‬‬
        ‫وفـي تفسـيره لتفشـي تيـار الإسـام السياسـي‬                       ‫ينايـر ‪ .1985‬وفـي ظنـي أن الدكتـور فـرج فـودة قـد‬
                           ‫وانتشـاره‪ ،‬يقـول فـرج فـودة‪:‬‬                  ‫وقع اختياره على هذا العنوان «قبل السقوط»‪ ،‬حتى‬
                                                                         ‫يأتـي كتابـه كناقـوس إنـذار يحذرنـا مـن الخطـر الـذي‬
        ‫لـم يجـد تيـاُر الإسـام السياسـي مـن معارضيـه‬                    ‫يمثلـه تيـار الإسـام السياسـي الـذي يتسـربل بالديـن‬
        ‫‪ -‬ومـا أكثرهـم ‪ -‬إلا ت ارج ًعـا يتلـوه صمـت‪ ،‬وصمـت‬               ‫مـن أجـل الوصـول إلـى سـدة الحكـم‪ ،‬وإقامـة دولـة‬
        ‫يعقبـه ت ارجـع‪ ،‬بعـد أن تعلمـوا مـن أرس الذئـب‬                   ‫دينيـة‪ .‬أي أن مؤلـف كتـاب «قبـل السـقوط»‪ ،‬يقـول‬
        ‫الطائـر‪ ،‬وبعـد أن تنـادوا «انـج سـعد فقـد هلـك‬

                                    ‫سـعيد»‪( .‬ص‪)51‬‬

        ‫رفـض فـرج فـودة الت ارجـع والصمـت‪ ،‬ودفـع حياتـه‬                  ‫بوضـوح فـي كل سـطر مـن سـطور هـذا الكتـاب‪:‬‬

        ‫ثمًنـا لإعـان الحقيقـة‪ ،‬حقيقـة أن العصـر لا يتسـع‬                ‫«انتبهـوا أيهـا السـادة (قبـل سـقوط) الأوطـان فـي‬
        ‫لقيـام دولـة دينيـة‪ ،‬وأن الوطـن لا يمكـن أن يسـعها‪،‬‬                                         ‫قبضـة ت َّجـار الديـن»‬
        ‫دون أن تتعـرض وحـدة الوطـن للخطـر‪ ،‬وتنهـدم‬
                                                                         ‫يؤكـد فـرج فـودة إيماَنـه بـأن الديـ َن جـزٌء مـن‬
                                     ‫أركانـه الحضاريـة‪.‬‬                  ‫مكنونـات الشـخصية المصريـة‪ ،‬بـل هـو فـي تقديـره‬
                                                                         ‫ضميـر مصـر‪( .‬ص‪ ،)51‬ويقـول‪« :‬إن العقـل لـم‬
        ‫كان د‪ .‬فـرج فـودة مفكـًار حـًّار وجسـوًار‪ ،‬عّبـر‬                 ‫يكـن أبـًدا مختلًفـا مـع قواعـد الديـن الصحيـح أو‬
        ‫عـن حقيقـة مـا يؤمـن بـه دون التـواء أو مواربـة؛‬                 ‫مخالًفـا لهـا‪ ،‬وإنمـا كان مؤيـًدا لهـا وسـنًدا‪ .‬إن صـدق‬
        ‫لذلـك كان أسـلوبه فـي الكتابـة واض ًحـا وسل ًسـا‪ ،‬لقـد‬

                                                                     ‫‪45‬‬
   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50