Page 84 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 84

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

‫فيذھب وھو الذي لم يكن يجرؤ أن يمر بمجلس فيه أحد أشراف مكة الا مطرق الرأس حثيث الخطى‪..‬‬
‫نقول‪ :‬يذھب بعد اسلامه الى مجمع الأشراف عند الكعبة‪ ،‬وكل سادات قريش وزعمائھا ھنالك جالسون‬

                                           ‫فيقف على رؤوسھم‪ .‬ويرفع صوته الحلو المثير بقرآن ﷲ‪:‬‬
‫)بسم ﷲ الرحمن الرحيم‪ ،‬الرحمن‪ ،‬علّم القرآن‪ ،‬خلق الانسان‪ ،‬علّمه البيان‪ ،‬الشمس والقمر بحسبان‪،‬‬

                                                                          ‫والنجم والشجر يسجدان(‪.‬‬
‫ثم يواصل قراءته‪ .‬وزعماء قريش مشدوھون‪ ،‬لا يصدقون أعينھم التي ترى‪ ..‬ولا آذانھم التي تسمع‪..‬‬
‫ولا يتصورون أن ھذا الذي يتحدى بأسھم‪ ..‬وكبريائھم‪..‬انما ھو أجير واحد منھم‪ ،‬وراعي غنم لشريف‬

                                                 ‫من شرفائھم‪ ..‬عبدﷲ بن مسعود الفقير المغمور‪!!..‬‬
                                                     ‫ولندع شاھد عيان يصف لنا ذلك المشھد المثير‪..‬‬
                                                                     ‫انه الزبير رضي ﷲ عنه يقول‪:‬‬

‫" كان أول من جھر بالقرآن بعد رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بمكة‪ ،‬عبدﷲ بن مسعود رضي ﷲ عنه‪،‬‬
                                        ‫اذ اجتمع يوما أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقالوا‪:‬‬

                       ‫وﷲ ما سمعت قريش مثل ھذا القرآن يجھر لھا به قط‪ ،‬فمن رجل يسمعھموه‪..‬؟؟‬
                                                                        ‫فقال عبدﷲ بن مسعود‪:‬أنا‪..‬‬

                     ‫قالوا‪ :‬ان نخشاھم عليك‪ ،‬انما نريد رجلا له عشيرته يمنعونه من القوم ان أرادوه‪..‬‬
                                                                    ‫قال‪ :‬دعوني‪ ،‬فان ﷲ سيمنعني‪..‬‬

‫فغدا ابن مسعود حتى اتى المقام في الضحى‪ ،‬وقريش في أنديتھا‪ ،‬فقام عند المقام ثم قرأ‪ :‬بسم ﷲ‬
                           ‫الرحمن الرحيم _رافعا صوته_ الرحمن‪ ..‬علم القرآن‪ ،‬ثم استقبلھم يقرؤھا‪..‬‬
                              ‫فتأملوه قائلين‪ :‬ما يقول ابن ام عبد‪..‬؟؟ انه ليتلو بعض ما جاء به محمد‪..‬‬

           ‫فقاموا اليه وجعلوا يضربون وجھه‪ ،‬وھو ماض في قراءته حتى بلغ منھا ما شا ﷲ أن يبلغ‪..‬‬
                                              ‫ثم عاد الى أصحابه مصابا في وجھه وجسده‪ ،‬فقالوا له‪:‬‬
                                                                            ‫ھذا الذي خشينا عليك‪..‬‬

                       ‫فقال‪ :‬ما كان أعداء ﷲ أھون عل ّي منھم الآن‪ ،‬ولئن شئتم لأغادينّھم بمثلھا غدا‪..‬‬
                                                        ‫قالوا‪ :‬حسبك‪ ،‬فقد أسمعتھم ما يكرھون"‪!!..‬‬

‫أجل ما كان ابن مسعود يوم بھره الضرع الحافل باللبن فجأة وقبل أوانه‪ ..‬ما كان يومھا يعلم أنه ھو‬
‫ونظراؤه من الفقراء والبسطاء‪ ،‬سيكونون احدى معجزات الرسول الكبرى يوم يحملون راية ﷲ‪،‬‬

                                                        ‫ويقھرون بھا نور الشمس وضوء النھار‪!!..‬‬
                                                                    ‫ما كان يعلم أن ذلك اليوم قريب‪..‬‬

  ‫ولكن سرعان ما جاء اليوم ودقت الساعة‪ ،‬وصار الغلام الأجير الفقير الضائع معجزة من المعجزات‪!!..‬‬

                                               ‫**‬

                                                          ‫لم تكن العين لتقع عليه في زحام الحياة‪..‬‬
                                                                         ‫بل ولا بعيدا عن الزحام‪!!..‬‬

                                                                ‫‪84‬‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89