Page 89 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 89

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                               ‫**‬

                                   ‫ھذا ھو عبدﷲ بن مسعود صاحب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪.‬‬
               ‫وھذه ومضة من حياة عظيمة مستبسلة‪ ،‬عاشھا صاحبھا في سبيل ﷲ‪ ،‬ورسوله ودينه‪..‬‬

                                                ‫ھذا ھو الرجل الذي كان جسمه في حجم العصفور‪!!..‬‬
                                                  ‫نحيف‪ ،‬قصير‪ ،‬يكاد الجالس يوازيه طولا وھو قائم‪..‬‬
‫له ساقان ناحلتان دقيقتان‪ ..‬صعد بھما يوما أعلى شجرة يجتني منھا أراكا لرسول اله صلى ﷲ عليه‬
                              ‫وسلم‪ ..‬فرأى أصحاب النبي دقتھما فضحكوا‪ ،‬فقال عليه الصلاة والسلام‪:‬‬
                    ‫" تضحكون من ساق ْي ابن مسعود‪ ،‬لھما أثقل في الميزان عند ﷲ من جبل أحد"‪!!..‬‬
‫أجل ھذا ھو الفقير الأجير‪ ،‬الناحل الوھنان‪ ..‬الذي جعل منه ايمانه ويقينه اماما من أئمة الخير والھدى‬

                                                                                           ‫والنور‪..‬‬
‫ولقد حظي من توفيق ﷲ ومن نعمته ما جعله أحد العشرة الأوائل بين أصحاب الرسول صلى ﷲ عليه‬

                               ‫وسلم‪ ..‬أولئك الذين بشروا وھم على ظھر الأرض برضوان ﷲ وجنّته‪..‬‬

                     ‫وخاض المعارك الظافرة مع الرسول عليه الصلاة والسلام‪ ،‬مع خلفائه من بعده‪..‬‬
 ‫وشھد أعظم امبراطوريتين في عالمه وعصره تفتحان أبوابھما طائعة خاشعة لرايات الاسلام ومشيئته‪..‬‬

‫ورأى المناصب تبحث عن شاغليھا من المسلمين‪ ،‬والأموال الوفيرة تتدحرج بين أيديھم‪ ،‬فما شغله من‬
‫ذلك شيء عن العھد الذي عاھد ﷲ عليه ورسوله‪ ..‬ولا صرفه صارف عن اخباته وتواضعه ومنھج‬

                                                                                            ‫حياته‪..‬‬

‫ولم تكن له من أمان ّي الحياة سوى أمنية واحدة كان يأخذه الحنين اليھا فيرددھا‪ ،‬ويتغنى بھا‪ ،‬ويتمنى‬
                                                                                    ‫لو أنه أدركھا‪..‬‬

                                                                 ‫ولنصغع اليه يحدثنا بكلماته عنھا‪:‬‬
‫" قمت من جوف الليل وأنا مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في غزوة تبوك‪ ..‬فرأيت شعلة من نار في‬
‫ناحية العسكر فأتبعتھا أنظر اليھا‪ ،‬فاذا رسول ﷲ‪ ،‬وأبوبكر وعمر‪ ،‬واذا عبدﷲ ذو البجادين المزني قد‬
‫مات واذا ھم قد حفروا له‪ ،‬ورسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في حفرته‪ ،‬وأبو بكر وعمر يدليانه اليه‪،‬‬
‫والرسول يقول‪ :‬ادنيا ال ّي أخاكما‪ ..‬فدلياه اليه‪ ،‬فلما ھيأه للحده قال‪ :‬اللھم اني أمسيت عنه راضيا فارض‬

                                                        ‫عنه‪ ..‬فيا ليتني كنت صاحب ھذه الحفرة"‪!!..‬‬

                                               ‫**‬

                                                      ‫تلك أمنيته الوحيد التي كان يرجوھا في دنياه‪.‬‬
                        ‫وھي لا تمت بسبب الى ما يتھافت الناس عليه من مجد وثراء‪ ،‬ومنصب وجاه‪..‬‬

                                                                ‫‪89‬‬
   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94