Page 91 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 91
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ومنذ جاء ھو أخوه صفوان في صحبة أبيھما الى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم واعنق ثلاثتھم الاسلام،
والاسلام يزيد موھبته ھذه مضاء وصقلا..
فلقد عانق دينا قويا ،نظيفا ،شجاعا قويما ..يحتقر الجبن والنفاق ،والكذب...
وتأ ّدب على يدي رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم واضح كفق الصبح ،لا تخفى عليھم من حياته ،ولا من
أعماق نفسه خافية ..صادق وأمين..يحب الأقوياء في الحق ،ويمقت الملتوين والمرائين والمخادعين!!..
فلم يكن ثمة مجال ترعرع فيه موھبة حذيفة وتزدھر مثل ھذا المجال ،في رحاب ھذا الدين ،وبين يدي
ھذا الرسول ،ووسط ھذا ا ّرعيل العظيم من الأصحاب!!..
ولقد نمت موھبته فعلا أعظم نماء ..وتخصص في قراءة الوجوه والسرائر ..يقرأ الوجوه في نظرة..
ويبلوكنه الأعماق المستترة ،والدخائل المخبوءة .في غير عناء..
ولقد بلغ من ذلك ما يريد ،حتى كان أمير المؤمنين عمر رضي ﷲ عنه ،وھو الملھم الفطن الأريب،
يستدل برأي حذيفة ،وببصيرته في اختيار الرجال ومعرفتھم.
ولقد أوتي حذيفة من الحصافة ما جعله يدرك أن الخير في ھذه الحياة واضح لمن يريده ..وانما الشر ھو
الذي يتنكر ويتخفى ،ومن ثم يجب على الأريب أن يعنى بدراسة الشر في مآتيه ،ومظانه..
وھكذا عكف حذيفة رضي ﷲ عنه على دراسة الشر والأشرار ،والنفاق والمؤمنين..
يقول:
" كان الناس يسألون رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عن الخير ،وكنت أسأله عن الشر مخافة أن
يدركني..
قلت :يا رسول ﷲ فھل بعد ھذا الخير من شر؟
قال :نعم..
قلت :فھل بعد ھذا الشر من خير؟
قال :نعم ،وفيه دخن..
قلت :وما طخنه..؟
قال :قوم يستنون بغير سنتي ..ويھتدون يغير ھديي ،وتعرف منھم وتنكر..
قلت :وھل بعد ذلك الخير من شر..؟
قال :نعم! دعاة على أبواب جھنم ،من أجابھم اليھا قذفوه فيھا..
قلت :يا رسول ﷲ ،فما تأمرني ان أدركني ذلك..؟
قال :تلزم جماعة المسلمين وامامھم..
قلت :فان لم يكن لھم جماعة ولا امام..؟؟
قال :تعتزل تلك الفرق كلھا ،ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"!!..
أرأيتم قوله ":كان الناس يسألون رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عن الخير ،وكنت أسأله عن الشر
مخافة أن يدركني"..؟؟
لقد عاش حذيفة بن اليمان مفتوح البصر والبصيرة على مآتي الفتن ،مسالك الشرور ليتقھا ،وليحذر
الناس منھا .ولقد أفاء عليه ھذا بصرا بالدنيا ،وخبرة بالانس ،ومعرفة بالزمن ..وكلن يدير المسائل في
فكره وعقله بأسلوب فيلسوف ،وحصانة حكيم...
91