Page 88 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 88
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
لم يكن يفارق رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم في سفر ،ولا في حضر ..ولقد شھد المشاھد كلھا
جميعھا ..وكان له يوم بدر شأن مذكور مع أب جھل الذي حصدته سيوف المسلمين في ذلك اليوم
الجليل ..وعرف خلفاء الرسول وأصحابه له قدره ..فولاه أمير المؤمنين عمر على بيت المال في الكوفة.
وقال لأھلھا حين أرسله اليھم:
" اني وﷲ الذي لا اله الا ھو ،قد آثرتكم به على نفسي ،فخذوا منه وتعلموا".
ولقد أحبه أھل الكوفة حبا جما لم يظفر بمثله أحد قبله ،ولا أحد مثله..
واجماع أھل الكوفة على حب انسان ،أمر يشبه المعجزات..
ذلك أنھم أھل تم ّرد ثورة ،لا يصبرون على طعام واحد !!..ولا يطيقون الھدوء والسلام..
ولقد بلغ من حبھم اياه أن أطاحوا به حين أراد الخليفةعثمان رضي ﷲ عنه عزله عن الكوفة وقالوا
له ":أقم معنا ولا تخرج ،ونحن نمنعك أن يصل اليك شيء تكرھه منه"..
ولكن ابن مسعود أجابھم بكلمات تص ّور عظمة نفسه وتقاه ،اذ قال لھم:
" ان له عل ّي الطاعة ،وانھا ستكون أمور وفتن ،ولا أحب أن يكون أول من يفتح أبوابھا"!!..
ان ھذا الموقف الجليل الورع يصلنا بموقف ابن مسعود من الخلبيفةعثمان ..فلقد حدث بينھما حوار
وخلاف تفاقما حتى حجب عن عبدﷲ راتبه ومعاشه من بيت الامل ،،ومع ذلك لم يقل في عثمان رضي
ﷲ عنه كلمة سوء واحدة..
بل وقف موقف المدافع والمحذر حين رأى التذ ّمر في عھد عثمان يتح ّول الى ثورة..
وحين ترامى الى مسمعه محاولات اغتيال عثمان ،قال كلمته المأثورة:
" لئن قتلوه ،لا يستخلفون بعده مثله".
ويقولبعض أصحاب ابن مسعود:
" ما سمعت ابن مسعود يقول في عثمان سبّة قط"..
**
ولقد آتاه ﷲ الحكمة مثلما أعطاه التقوى.
وكان يملك القدرة على رؤية الأعماق ،والتعبير عنھا في أناقة وسداد..
لنستمع له مثلا وھو يلخصحياة عمر العظيمة في تركيزباھر فيقول:
" كان اسلامه فتحا ..وكانت ھجرته نصرا ..وكانت امارته رحمة."..
ويتحدث عما نسميه اليوم نسبية الزمان فيقول:
" ان ربكم ليس عنده ليل ولا نھار ..نور السموات والأرض من نور وجھه"!!..
ويتحدث عن العمل وأھميته في رفع المستوى الأدبي لصاحبه ،فيقول ":اني لأمقت الرجل ،اذ أراه
فارغا ..ليس في شيء من عمل الدنيا ،ولا عمل الآخرة"..
ومن كلماته الجامعة:
" خير الغنى غنى النفس ،وخير الزاد التقوى ،وشر العمى عمى القلب ،وأعظم الخطايا الكذب ،وش ّر
المكاسب الربا ،وش ّر المأكل مال اليتيم ،ومن يعف ﷲ عنه ،ومن يغفر ﷲ له"..
88