Page 95 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 95
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
لقد احتفظ حذيفة بكا حماسة المعركة وأشواقھا ،ان لم يكن قد زاد منھا وفيھا..
وانتھى القتال بھزيمة ساحقة للفرس ..ھزيمة لا نكاد نجد لھا نظيرا!!..
**
ھذا العبقري في حمته ،حين تض ّمه صومعته..
والعبقري في فدائيته ،حين يقف فوق أرض القتال..
ھو كذلك العبقري في كل مھمةتوكل اليه ،ومشورةتطلب منه ..فحين انتقل سعد بن أبي وقاص
والمسلمون معه من المدائن الى الكوفة واستوطنوھا..
وذلك بعد أن أنزل مناخ المدائن بالعرب المسلمين أذى بليغا.
مما جعل عمر يكتب الى سعد كي يغادرھا فورا بعد أن يبحث عن أكثر البقاع ملاءمة ،فينتقل بالمسلمين
اليھا..
يومئذ من الذي وكل اليه أمر اختيار البقعة والمكان..؟
انه حذيفة بن اليمان ..ذھب ومعه سلمان بن زياد ،يرتادان لمسلمين المكان الملائم..
فلما بلغا أرض الكوفة ،وكانت حصباء جرداء مرملة .ش ّم حذيفة عليھا أنسام العافية ،فقال لصاحبه :ھنا
المنزل ان شاء ﷲ..
وھكذا خططت الكوفة وأحالتھا يد التعمير الى مدينة عامرة...
وما كاد المسلمون ينتقلون اليھا ،حتى شفي سقيمھم .وقوي ضعيفھم .ونبضت بالعافية عروقھم!!..
لقد كان حذيفة واسع الذكاء ،متنوع الخبرة ،وكان يقول للمسلمين دائما:
" ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة ..ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا ..ولكن الذين يأخذون من
ھذه ومن ھذه"...
**
وذات يوم من أيام العام الھجري السادس والثلاثين..دعي للقاء ﷲ ..واذ ھو يتھيأ للرحلة الأخيرة دخل
عليه بعض أصحابه ،فسألھم:
أجئتم معكم بأكفان..؟؟
قالوا :نعم..
قال :أرونيھا..
فلما رآھا ،وجدھا جديدة فارھة..
فارتسمت على شفتيه آخر بسماته الساخرة ،وقال لھم:
" ما ھذا لي بكفن ..انما يكفيني لفافتان بيضاوان ليس معھما قميص..
فاني لن أترك في القبر الا قليلا ،حتى أب ّدل خيرا منھما ...أو ش ّر منھما"!!..
وتمتم بكلمات ،ألقى الجالسون أسماعھم فسمعوھا:
" مرحبا بالموت..
حبيب جاء على شوق..
95