Page 98 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 98
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
**
قلنا ان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم كان يخرج كل يوم الى أسرة ياسر ،محيّيا صمودھا ،وبطولتھا..
وكان قلبه الكبير يذوبرحمة وحنانا لمشھدھم وھم يتلقون العذاب ما لا طاقة لھم به.
وذات يوم وھو يعودھم ناداه ع ّمار:
" يا رسول ﷲ ..لقد بلغ منا العذاب كل مبلغ"..
فنا داه الرسول :صبرا أبا اليقظان..
صبرا آل ياسر..
فان موعدكم الجنة"..
ولقد وصف أصاب ع ّمار العذاب الذي نزل به في أحاديث كثيرة.
فيقول عمرو بن الحكم:
" كان ع ّمار يعذب حتى لا يدري ما يقول".
ويقول عمرو بن ميمون:
" أحرق المشركون ع ّمار بن ياسر بالنار ،فكان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يمر به ،ويمر يده على
رأسه ويقول :يا نار كوني بردا وسلاما على ع ّمار ،كما كنت بردا وسلاما على ابراھيم"..
على أن ذلك لھول كله لم يكن ليفدح روح عمار ،وان فدح ظھره ودغدغ قواه..
ولم يشعر عمار بالھلاك حقا ،الا في ذلك اليوم الذي استنجد فيه جلادوه بكل عبقريتھم في الجريمة
والبغي ..فمن الكي بالنار ،الى صلبه على الرمضاء المستعرة تحت الحجارة الملتھبة ..الى غ ّطه في الماء
حتى تختنق أنفسه ،وتتسلخ قروحه وجروحه..
في ذلك اليوم اذ فقد وعيه تحت وطأة ھذا العول فقالوا له :أذكر آلھتنا بخير ،وأخذوا يقولون له ،وھو
يردد وراءھم القول في غير شعور.
في لك اليوم ،وبعد أن أفاق قليلا من غيبوبة تعذيبه ،تذ ّكر ما قاله فطار صوابه ،وتجسمت ھذه الھفوة أما
نفسه حتى رآھا خطيئة لا مغفرة لھا ولا كفارة ..وفي لحظات معدودات ،أوقع به الشعور بالاثم من
العذاب ما أضحى عذاب المشركين تجاھه بلسما ونعيما!!..
ولو ترك ع ّمار لمشاعره تلك بضع ساعات لقضت عليه لا محالة..
لقد كان يحتمل الھول المن ّصب على جسده ،لأن روحه ھناك شامخة ..أما الآن وھو يظن أن الھزيمة
أدركت روحه فقد أشرفت به ھمومه وجزعه على الموت والھلاك..
لكن ﷲ العل ّي القدير أراد للمشھد المثير أن يبلغ جلال ختامه..
وبسط الوحي يمينه المباركة مصافحا بھا ع ّمارا ،وھاتفا به :انھض أيھا البطا ..لا تثريب عليك ولا
حرج..
ولقي رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم صاحبه فألفاه يبكي ،فجعل يمسح دموعه بيده ،ويقول له:
" أخذك الكفار ،فغطوك في الماء ،فقلت كذا ..وكذا..؟؟"
أجاب ع ّمار وھو ينتحب :نعم يا رسول ﷲ...
فقال له رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وھو يبتسم ":ان عادوا ،فقل لھم مثل قولك ھذا"!!..
ثم تلا عليه الآية الكريمة:
98