Page 101 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 101

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

‫ألا من كان في شك من عظمة محمد الرسول الصادق‪ ،‬والمعلم الكامل‪ ،‬فليقف أمام ھذه النماذج من‬
‫أتباعه وأصحابه‪ ،‬وليسأل نفسه‪ :‬ھل يقدر على انجاب ھذا الطراز الرفيع سوى رسول كريم‪ ،‬ومعلم‬

                                                                                           ‫عظيم؟؟‬

                   ‫اذا خاضوا في سبيل ﷲ قتالا اندفعوا اندفاع من يبحث عن المنيّة‪ ،‬لا عن النصر‪!!..‬‬
‫واذا كانوا خلفاء وح ّكاما‪ ،‬ذھب الخليفة يحلب شياه الأيامى‪ ،‬ويعجن خبز اليتامى‪ ..‬كما فعل أبو بكر‬

                                                                                         ‫وعمر‪!!..‬‬
‫واذا كانوا ولاة حملوا طعامم على ظھورھم مربوطا بحبل‪ ..‬كما فعل ع ّمار‪ ..‬أو تنازلوا عن راتبھم‬

                           ‫وجلسوا يصنعون من الخوص المجدول أوعية ومكاتل‪ ،‬كما صنع سلمان‪!!..‬‬
‫ألا فلنحن الجباه تحيّة واجلالا للدين الذي أنجبھم‪ ،‬وللرسول الذي ربّاھم‪ ..‬وقبل الدين والرسول‪ ،‬ﷲ العل ّي‬

                                                                      ‫الكبير الذي اجتباھم لھذا كله‪..‬‬
                                         ‫وھداھم لھذا كله‪ ..‬وجعلھم ر ّوادا لخير أمة أخرجت للناس‪!!..‬‬

                                               ‫**‬

‫كان الحذيفة بن اليمان‪ ،‬الخبير بلغة السرائر والقلوب يتھيأ للقاء ﷲ‪ ،‬ويعالج سكرات الموت حين سأله‬
                                  ‫أصحابه الحافون حوله قائلين له" بمن تأمرنا‪ ،‬اذا اختلف الناس"‪..‬؟‬
                                                            ‫فأجابھم حذيفة‪ ،‬وھو يلقي بآخر كلماته‪:‬‬
                                             ‫" عليكم بابن سميّة‪ ..‬فانه لن يفارق الحق حتى يمةت"‪..‬‬

‫أجل ان عمارا ليدور مع الحق حيث يدور‪ ..‬والآن نحن نقفو آثاره المباركة‪ ،‬ونتتبع معالم حياته‬
                                                             ‫العظيمة‪ ،‬تعل ْوا نقترب من مشھد عظيم‪..‬‬

‫ولكن قبل أن نواجه ھذا المشھد في روعته وجلاله‪ ،‬في صولته وكماله‪ ،‬في تفانيه واصراره‪ ،‬في تفوقه‬
                        ‫واقتداره‪ ،‬تعا ْلوا نبصر مشھد مشھدا يسبق ھذا المشھد‪ ،‬ويتنبأ به‪ ،‬ويھيئ له‪...‬‬

‫كان ذلك اثر استقرار المسلمين في المدينة‪ ،‬وقد نھض الرسول الأمين وحوله الصحابة الأبرار‪ ،‬شعثا‬
‫لربھم وغبرا‪ ،‬بنون بيته‪ ،‬ويقيمون مسجده‪ ..‬قد امتلأت أفئدتھم المؤمنة غبطة‪ ،‬وتألقت بشرا‪ ،‬وابتھلت‬

                                                                                ‫حمدا لربھا وشكرا‪..‬‬
              ‫الجميع يعملون في خبور وأمل‪ ..‬يحملون الحجارة‪ ،‬أو يعجنون الملاط‪ ..‬أو يقيمون البناء‪..‬‬

                                                                              ‫فوج ھنا وفوج ھناك‪..‬‬
                                    ‫والأفق السعيد يردد تغريدھم الذي يرفعون به أصواتھم المحبورة‪:‬‬

                                                        ‫لئن قعدنا والنبي يعمل لذاك منا العمل المضلل‬
                                                                            ‫ھكذا يغنون وينشدون‪..‬‬

                                                         ‫ثم تتعالى أصواتھم الصادحة بتغريدة أخرى‪:‬‬
                                              ‫اللھم ان العيش عيش الآخرة فارحم الأنصار والمھاجرة‬

                                                                                     ‫وتغريدة ثالثة‪:‬‬
                                                                         ‫لا يستوب من يع ّمر مسجدا‬

                                                               ‫‪101‬‬
   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106