Page 103 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 103
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وتعددت اتجاھات الصحابة ..فمنھم من نفض يديه من الخلاف وأوى الى بيتھخ ،جاعلا شعاره كلمة ابن
عمر:
" من قال ح ّي على الصلاة أجبته...
ومن قال ح ّي على الفلاح أجبته..
ومن قال ح ّي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله ،قلات :لا؟..
ومنھم من انحاز الى معاوية..
ومنھم من وقف الى جوار عل ّي صاحب البيعة ،وخليفة المسلمين..
ترى أين يقف اليوم ع ّمار؟؟
أين يقف الرجل الذي قال عنه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم:
" واھتدوا بھدي ع ّمار"..؟
أين يقف الرجل الذي قال عنه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم:
" من عادى ع ّمارا عاداه ﷲ"..؟
والذي كان اذا سمع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم صوته يقترب من منزله قال:
" مرحبا بالطيّب المقدام ،ائذنوا له"!!..
لقد وقف الى جوار عل ّي ابن أبي طالب ،لا متحيّزا ولا متعصبا ،بل مذعنا للحق ،وحافظا للعھد..
فعل ّي خليفة المسلمين ،وصاحب البيعة بالامامة ..ولقد أخذ الخلافة وھو لھا أھل وبھا جدير..
وعل ّي قبل ھذا وبعد ھذا ،صاحب المزايا التي جعلت منزلته من رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم كمنزلة
ھارون من موسى..
ان عمارا الذي يدور مع الحق حيث دار ،ليھتدي بنور بصيرته واخلاصه الى صاحب الحق الأوحد في
النزاع ..ولم يكن صاحب الحق يومئذ في يقينه سوى عل ّي ،فأخذ مكانه الى جواره..
وفرح علي رضي ﷲ عنه بنصرته فرحا لعله لم يفرح يمئذ مثله وازداد ايمانا بأنه على الحق ما دام
رجل الحق العظيم ع ّمار قد أقبل عليه وسار معه..
وجاء يوم صفين الرھيب.
وخرج الامام علي يواجه العمل الخطير الذي اعتبره تم ّردا يحمل ھو مسؤولية قمعه.
وخرج معه عمار..
كان عمار قد بلغ من العمر يومئذ ثلاثة وتسعين..
ثلاث وتسعون عاما ويخرج للقتال..؟
أجل ما دام يتعقد أن القتال مسؤليته وواجبه ..ولقد قاتل أش ّد وأروع مما يقاتل أبناء الثلاثين!!...
كان الرجل الدائم الصمت ،القليل الكلام ،لا يكاد يح ّرك شفتيه حين يح ّركھما الا بھذه الضراعة:
" عائذ با من فتنة...
عائذ با من فتنة."..
وبعيد وفاة الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ظلت ھذه الكلمات ابتھاله الدائم..
وكلما كانت الأيام تمر ،كان ھو يكثر من لھجه وتع ّوذه ..كأنما كان قلبه الصافي يح ّس الخطر الداھم كلما
اقتربت أيامه..
103