Page 108 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 108

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                      ‫سمع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يوما يتحدث عن مسؤلية الأمراء والولاة‪..‬‬
‫سمعه يتحدث عليه الصلاة والسلام‪ ،‬عن المصير الذي ينتظر من يف ّرط منھم في الحق‪ ،‬أو تعبث ذمته‬

                                       ‫بمال‪ ،‬فزلزل زلزالا‪ ،‬وأقسم با ألا يكون أميرا على أثنين أبدا‪..‬‬
                                                                                   ‫ولقد ب ّر بقسمه‪..‬‬

‫وفي خلافة أمير المؤمنين عمر ؤضي ﷲ عنه‪ ،‬لم يستطع الفاروق أن يحمله على قبول منصب ما‪ ،‬الا‬
                                                                    ‫تعليم الانس وتفقيھھم في الدين‪.‬‬

‫أجل ھذا ھو العمل الوحيد الذي آثره عبادة‪ ،‬مبتعدا بنفسه عن الأعمال الأخرى‪ ،‬المحفوفة بالزھو‬
                       ‫وبالسلطان وبالثراء‪ ،‬والمحفوفة أيضا بالأخطار التي يخشاھا على مصيره ودينه‬

‫وھكذا سافر الى الشام ثالث ثلاثة‪ :‬ھو ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء‪ ..‬حيث ملؤا البلاد علما وفقھا ونورا‪...‬‬
   ‫وسافر عبادة الى فلسطين حيث ولي قضاءھا بعض الوقت وكان يحكمھا باسم الخليفة آنذاك‪ ،‬معاوية‪..‬‬

                                               ‫**‬

‫كان عبادة بن الصامت وھو ثاو في الشام يرنو ببصره الى ما وراء الحدود‪ ..‬الى المدينة المنورة‬
          ‫عاصمة السلام ودار الخلافة‪ ،‬فيرى فيھا عمر ابن الخطاب‪..‬رجل لم يخلق من طرازه سواه‪!!..‬‬

‫ثم يرتد بصره الى حيث يقيم‪ ،‬في فلسطين‪ ..‬فيرى معاوية بن أبي سفيان‪..‬رجل يحب الدنيا‪ ،‬ويعشق‬
                                                                                        ‫السلطان‪...‬‬

‫وعبادة من الرعيل الأول الذي عاش خير حياته وأعظمھا وأثراھا مع الرسول الكريم‪ ..‬ال ّرعيل الذي‬
                   ‫صھره النضال وصقلته التضحية‪ ،‬وعانق الاسلام رغبا لا رھبا‪ ..‬وباع نفسه وماله‪...‬‬
                     ‫عبادة من الرعيل الذي رباه محمد بيديه‪ ،‬وأفرغ عليه من روحه ونوره وعظمته‪..‬‬

‫واذا كان ھناك من الأحياء مثل أعلى للحاكم يملأ نفس عبادة روعة‪ ،‬وقلبه ثقة‪ ،‬فھو ذلك الرجل الشاھق‬
                                                        ‫الرابض ھناك في المدينة‪ ..‬عمر بن الخطاب‪..‬‬

‫فاذا مضى عبادة يقيس تص ّرفات معاوية بھذا المقياس‪ ،‬فستكون الشقة بين الاثنين واسعة‪ ،‬وسيكون‬
                                                                      ‫الصراع محتوما‪ ..‬وقد كان‪!!..‬‬

                                               ‫**‬

                                                                       ‫يقول عبادة رضي ﷲ عنه‪:‬‬
                            ‫" بايعنا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم على ألا نخاف في ﷲ لومة لائم"‪..‬‬
  ‫وعبادة خير من يفي بالبيعة‪ .‬واذن فھو لن يخشى معاوية بكا سلطانه‪ ،‬وسيقف بالمرصاد لكل أخطائه‪..‬‬
‫ولقد شھد أھل فلسطين يومئذ عجبا‪ ..‬وترامت أنباء المعارضة الجسورة التي يشنّھا عبادة على معاوية‬

                                               ‫الى أقطار كثيرة من بلاد الاسلام فكانت قدوة ونبراسا‪..‬‬
‫وعلى الرغم من الحلم الواسع الرحيب الذي اشتھر به معاوية فقد ضاق صدره بمواقف عبادة ورأى فيھا‬

                                                                      ‫تھديدا مباشرا لھيبة سلطانه‪..‬‬
‫ورأى عبادة من جانبه أن مسافة الخلف بينه وبين معاوية تزداد وتتسع‪ ،‬فقال لمعاوية‪ ":‬وﷲ لا أساكنك‬

                                                    ‫أرضا واحدة أبدا"‪ ..‬وغادر فلسطين الى المدينة‪..‬‬

                                                               ‫‪108‬‬
   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113