Page 109 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 109

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                               ‫**‬

‫كان أمير المؤمنين عمر‪ ،‬عظيم الفطنة‪ ،‬بعيد النظر‪ ..‬وكان حريصا على ألا يدع أمثال معاوية من الولاة‬
‫الذين يعتمدون على ذكائھم ويستعملونه بغير حساب دون أن يحيطھم بنفر من الصحابة الورعين‬
‫الزاھدين والنصحاء المخلصين‪ ،‬كي يكبحوا جماح الطموح والرغبة لدى أولئك الولاة‪ ،‬وكي يكونوا لھم‬

                                                          ‫وللناس تذكرة دائمة بأيام الرسول وعھده‪..‬‬

‫من أجل ھذا لم يكد أمير المؤمنين يبصر عبادة بن الصامت وقد عاد الى المدينة حتى ساله‪ ":‬ما الذي‬
                          ‫جاء بك يا عبادة"‪...‬؟؟ ولما ق ّص عليه ما كان بينه وبين معاوية قال له عمر‪:‬‬
                                               ‫" ارجع الى مكانك‪ ،‬فقبّح ﷲ أرضا ليس فيھا مثلك‪!!..‬‬
                                                           ‫ثم أرسل عمر الى معاوية كتابا يقول فيه‪:‬‬
                                                                      ‫" لا امرة لك على عبادة"‪!!..‬‬
                                                                          ‫أجل ان عبادة أمير نفسه‪..‬‬
                                  ‫وحين يك ّرم عمر الفاروق رجلا مثل ھذا التكريم‪ ،‬فانه يكون عظيما‪..‬‬
                                     ‫وقد كان عبادة عظيما في ايمانه‪ ،‬وفي استقامة ضميره وحياته‪...‬‬

                                               ‫**‬
‫وفي العام الھجري الرابع والثلاثين‪ ،‬توفي بالرملة في أرض فلسطين ھذا النقيب الراشد من نقباء‬

                                                  ‫الأنصار والاسلام‪ ،‬تاركا في الحياة عبيره وشذاه‪....‬‬

                                          ‫خباب بن الأرت‬
                                          ‫أستاذ ف ّن الفداء‬

   ‫خرج نفر من القرشيين‪ ،‬يغ ّدون الخطى‪ ،‬ميممين شطر دار خبّاب ليتسلموا منه سيوفھم التي تعاقدوا‬
                                                                                 ‫معه على صنعھا‪..‬‬

                    ‫وقد كان خباب سيّافا‪ ،‬يصنع السيوف ويبيعھا لأھل مكة‪ ،‬ويرسل بھا الى الأسواق‪..‬‬
‫وعلى غير عادة خبّاب الذي لا يكاد يفارق بيته وعمله‪ ،‬لم يجده ذلك النفر من قريش فجلسوا ينتظرونه‪..‬‬
‫وبعد حين طويل جاء خباب على وجھه علامة استفھام مضيئة‪ ،‬وفي عينيه دموع مغتبطة‪ ..‬وحيّا ضيوفه‬

                                                                                          ‫وجلس‪..‬‬
                                                 ‫وسألوه عجلين‪ :‬ھل أتممت صنع السيوف يا خباب؟؟‬
     ‫وجفت دموع خباب‪ ،‬وحل مكانھا في عينيه سرور متألق‪ ،‬وقال وكأنه يناجي نفسه‪ :‬ان أمره لعجب‪..‬‬
                     ‫وعاد القوم يسألونه‪ :‬أي أمر يا رجل‪..‬؟؟ نسألك عن سيوفنا‪ ،‬ھل أتممت صنعھا‪..‬؟؟‬
                                                  ‫ويستوعبھم خبّاب بنظراته الشاردة الحالمة ويقول‪:‬‬

                                                                  ‫ھل رأيتموه‪..‬؟ ھل سمعتم كلامه‪..‬؟‬
                                                            ‫وينظر بعضھم لبعض في دھشة وعجب‪..‬‬

                                                               ‫‪109‬‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114