Page 104 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 104
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وحين وقع الخطر ونشبت الفتنة ،كان ابن سميّة .يعرف مكانه فوقف يوم صفين حاملا سيفه وھو ابن
الثالثة والتسعين كما قلنا ليناصر به حقا من يؤمن بوجوب مناصرته..
ولقد أعلن وجھة نظره في ھذا القتال قائلا:
" ايھا الناس:
سيروا بنا نحو ھؤلاء القوم الذين يزعمون أنھم يثأرون لعثمان ،ووﷲ ما قصدھم الأخذ بثأره ،ولكنھم
ذاقوا الدنيا ،واستمرءوھا ،وعلموا أن الحق يحول بينھم وبين ما يتم ّرغون فيه من شھواتھم ودنياھم..
وما كان لھؤلاء سابقة في الاسلام يستحقون بھا طاعة المسلمين لھم ،ولا الولاية عليھم ،ولا عرفت
قلوبھم من خشية ﷲ ما يحملھم على اتباع الحق...
وانھم ليخادعون الناس بزعمھم أنھم يثأرون لدم عثمان ..وما يريدون الا أن يكونوا جبابرة وملوكا؟...
ثم أخذ الراية بيده ،ورفعھا فوق الرؤوس عالية خافقة ،وصاح في الناس قائلا:
" والذي نفسي بيده ..لقد قاتلت بھذه الراية مع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،وھأنذا أقاتل بھا اليوم..
والذي نفسي بيده .لو ھزمونا حتى يبلغوا سعفات ھجر ،لعلمت أننا على الحق ،وأنھم على الباطل"..
ولقد تبع الناس عمارا ،وآمنوا بصدق كلماته..
يقول أبو عبدالرحمن السلمي:
" شھدنا مع عل ّي رضي ﷲ عنه صفين ،فرأيت عمار ابن ياسر رضي اله عنه لا يأخذ في ناحية من
نواحيھا ،ولا واد من أوديتھا ،الا رأيت أصحاب محمد صلى ﷲ عليه وسلم يتبعونه كأنه علم لھم"!!..
كان ع ّمار وھو يجول في المعركة ويصول ،يؤمن أنه واحد من شھدائھا..
وقد كانت نبوءة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم تأتلق أمام عينيه بحروف كبرة:
" تقتل ع ّمار الفئة الباغية"..
من أجل ھذا كان صوته يجلجل في أفق المعركة بھذه التغريدة:
"اليوم القى الأحبة محمدا وصحبه"!!..
ثم يندفع كقذيفة عاتية صوب مكان معاوية ومن حوله الأمويين ويرسل صياحا عاليا مدمدما:
لقد ضربناكم على تنزيله
واليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الھام عن مقليه
ويذھل الخليل عن خليله
أو يرجع الحق الى سبيله
وھو يعني بھذا أن أصحاب الرسول السابقين ،وعمارا منھم قاتلوا الأمويين بالأمس وعلى رأسھم أبو
سفيان الذي كان يحمل لواء الشرك ،ويقود جيوش المشركين..
قاتلوھم بالأمس ،وكان القرآن الكريم يأمرھم صراحة بقتالھم لأنھم مشركون..
أما اليوم ،وان يكونوا قد أسلموا ،وان يكن القرآن الكريم لا يأمرھم صراحة بقتالھم ،الا أن اجتھاد عمار
رضي ﷲ عنه في بحثه عن الحق ،وفھمه لغايات القرآن ومراميه يقنعانه بقتالھم حتى يعود الحق
المغتصب الى ذويه ،وحتى تنصفئ الى البد نار التم ّرد والفتنة..
ويعني كذلك ،أنھم بالأمس قاتلوا الأمويين لكفرھم بالدين والقرآن..
104

