Page 100 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 100

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                                                          ‫ولقد وصفه الرواة فقالوا‪:‬‬
                 ‫" كان ط ّوالا‪ ،‬أشھل‪ ،‬رحب ما بين المنكبين‪ ..‬من أطول الناس سكوتا‪ ،‬وأقلھم كلاما"‪..‬‬
‫فكيف سارت حياة ھذا العملاق‪ ،‬الصامت الأشھل‪ ،‬العريض الصدر‪ ،‬الذي يحمل جسده آثار تعذيبه‬
                ‫المر ّوع‪ ،‬كما يحمل في نفس الوقت وثيقة صموده الھائل‪ ،‬والمذھل وعظمته الخارقة‪..‬؟!‬

                       ‫كيف سارت حياة ھذا الحواري المخلص‪ ،‬والمؤمن الصادق‪ ،‬والفدائي الباھر‪..‬؟؟‬
            ‫لقد شھد مع معلّمه ورسوله جميع المشاھد‪ ..‬بدرا‪ ،‬وأحدا‪ ،‬والخندق وتبوك‪ ..‬ويقيّتھا جميعل‪.‬‬

                     ‫ولما ذھب الرسول صلى ﷲ عليه وسلم الى الرفيق الأعلى‪ ،‬واصل العملاق زحفه‪..‬‬
‫ففي لقاء المسلمين مع الفرس‪ ،‬ومع الروم‪ ،‬ومن قبل ذلك في لقائھم مع جيوش الر ّدة الج ّرراة كان ع ّمار‬
‫ھناكفي الصفوف الأولى دوما‪ ..‬جنديا باسلا أمينا‪ ،‬لا تنبو لسيفه ضربة‪ ..‬ومؤمنا ورعا جليلا‪ ،‬لا تأخذه‬

                                                                                    ‫عن ﷲ رغبة‪..‬‬
‫وحين كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ﷲ عنه يختار ولاة المسلمين في دقة وتحفّظ من‬

                          ‫يخ\تار مصيره‪ ،‬كانت عيناه تقعان دوما في ثقة أكيدة على ع ّمار بن ياسر"‪..‬‬
                               ‫وھكذا سارع اليه وولاه الكوفة‪ ،‬وجعل ابن مسعود معه على بيت المال‪..‬‬
                                              ‫وكتب الى أھلھا كتابا يبشرھم فيه بواليھم الجديد‪ ،‬فقال‪:‬‬
                                 ‫" اني بعثت اليكم ع ّمار بن ياسر أميرا‪ ..‬وابن مسعود معلما ووزيرا‪..‬‬
                                             ‫وانھما من النجباء‪ ،‬من أصحاب محمد‪ ،‬ومن أھل بدر"‪..‬‬

        ‫ولقد سار ع ّمار في ولايته سيرا شق على الطامعين في الدنيا تح ّمله حتى تألبوا عليه أو كادوا‪..‬‬
                                                            ‫لقد زادته الولاية تواضعا وورعا وزھدا‪..‬‬

                                                 ‫يقول ابن أبي الھذيل‪ ،‬وھو من معاصريه في الكوفة‪:‬‬
‫" رأيت ع ّمار بن ياسر وھو أمير الكوفة يشتري من قثائھا‪ ،‬ثم يربطھا بحبل ويحملھا فوق ظھره‪،‬‬

                                                                         ‫ويمضي بھا الى داره"‪!!..‬‬

‫ويقول له واحد من العا ّمة وھو امير الكوفة‪ ":‬يا أجدع الأذن يعيّره بأذنه التي قطعت بسيوف المرتدين‬
                            ‫في حرب اليمامة‪ ..‬فلا يزيد الأمير الذي بيده السلطة على أن يقول لشاتمه‪:‬‬
                                                   ‫" خير أذن ّي سببت‪ ..‬لقد أصيبت في سبيل ﷲ"‪!!..‬‬

‫أجل لقد أصيب في سبيل ﷲ في يوم اليمامة‪ ،‬وكان يوما من أيام ع ّمار المجيدة‪ ..‬اذا انطلق العملاق في‬
                        ‫استبسال عاصف يحصد في جيش مسيلمة الكذاب‪ ،‬ويھدي اليه المنايا والدمار‪..‬‬

       ‫واذا يرى في المسلمين فتورا يرسل بين صفوفھم صياحه المزلزل‪ ،‬فيندفعون كالسھام المقذوفة‪.‬‬
                                                              ‫يقول عبدﷲ بن عمر رضي ﷲ عنھما‪:‬‬

‫" رايت ع ّمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة‪ ،‬وقد أشرف يصيح‪ :‬يا معشر المسلمين‪ ..‬أمن الجنة‬
‫تف ّرون‪..‬؟ أنا ع ّمار بن ياسر‪ ،‬ھلموا ال ّي‪ ..‬فنظرت اليه‪ ،‬فاذا أذنه مقطوعة تتأرجح‪ ،‬وھو يقاتل أشد‬

                                                                                       ‫القتال"‪!!!..‬‬

                                                               ‫‪100‬‬
   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105