Page 79 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 79
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
فخرجت حتى قدمت على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم المدينة فلم يرني الا قائما أمامه أشھد شھادة
الحق .فلما رآني قال :أوحش ّي أنت..؟ قلت :نعم يا رسول ﷲ ..قال :فح ّدثني كيف قتلت حمزة ،فح ّدثته..
فلما فرغت من حديثي قال :ويحك ..غيّب عني وجھك ..فكنت أتن ّكب طريق رسول ﷲ صلى ﷲ عليه
وسلم حيث كان ،لئلا يراني حتى قبضه ﷲ اليه..
فلما خرج المسلمون الى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معھم ،وأخذت حربتي التي قتلت بھا
حمزة ..فلما التقى الانس رأيت مسيلمة الكذاب قائما ،في يده السيف ،فتھيأت له ،وھززت حربتي ،حتى
اذا رضيته منھا دفعتھا عليه فوقعت فيه..
فان كنت قد قتلت بحربتي ھذه خير الناس وھو حمزة ..فاني لأرجو أن يغفر ﷲ لي اذ قتلت بھا ش ّر الناس
مسيلمة[..
**
ھكذا سقط أسد ﷲ ورسوله ،شھيدا مجيدا!!..
وكما كانت حياته مد ّوية ،كانت موتته مد ّوية كذلك..
فلم يكتف أعداؤه بمقتله ..وكيف يكتفون أو يقتنعون ،وھم الذين جنّدوا كل أموال قريش وكل رجالھا في
ھذه المعركة التي لم يريدوا بھا سوى الرسول وع ّمه حمزة..
لقد أمرت ھند بنت عتبة زوجة أبي سفيان ..أمرت وحشيا أن يأتيھا بكبد حمزة ..واستجاب الحبشي لھذه
الرغبة المسعورة ..وعندما عاد بھا الى ھند كان يناولھا الكبد بيمناه ،ويتلقى منھا قرطھا وقلائدھا
بيسراه ،مكافأة له على انجاز مھمته..
ومضغت ھند بنت عتبة الذي صرعه المسلمون ببدر ،وزوجة أبي سفيان قائد جيوش الشرك
الوثنية،مضغت كبد حمزة ،راجية أن تشفي تلك الحماقة حقدھا وغلھا .ولكن الكبد استعصت على أنيابھا،
وأعجزتھا أن تسيغھا ،فأخرجتھا من فمھا ،ثم علت صخرة مرتفعة ،وراحت تصرخ قائلة:
نحن جزيناكم بيوم بدر
والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر
ولا أخي وع ّمه وبكري
شفيت نفسي وقضيت نذري
أزاح وحشي غليل صدري
وانتھت المعركة ،وامتطى المشركون ابلھم ،وساقوا خيلھم قافلين الى مكة..
ونزل الرسول صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه معه الى أرض المعركة لينظر شھداءھا..
وھناك في بطن الوادي .وا ھو يتفحص وجوه أصحابه الذين باعوا أنفسھم ،وق ّدموھا قرابين مبرورة
لربھم الكبير .وقف فجأة ..ونظر .فوجم ..وضغط على أسنانه ..وأسبل جفنيه..
79