Page 74 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 74

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

‫ان ثبات ابن أخيه ليبھره‪ ..‬وان تفانيه في سبيل ايمانه ودعوته لھو شيء جديد على قريش كلھا‪ ،‬برغم‬
                                                                      ‫ما عرفت من تفان وصمود‪!!..‬‬

‫ولو استطاع الشك يومئذ أن يخدع أحدا عن نفسه في صدق الرسول وعظمة سجاياه‪ ،‬فما كان ھذا الشك‬
                                                   ‫بقادر على أن يجد الى وعي حمزة منفا أو سبيلا‪..‬‬

     ‫فحمزة خير من عرف محمدا‪ ،‬من طفولته الباكرة‪ ،‬الى شباب الطاھر‪ ،‬الى رجولته الأمينة السامقة‪..‬‬
‫انه يعرفه تماما كما يعرف نغسه‪ ،‬بل أكثر مما يعرف نفسه‪ ،‬ومنذ جاءا الى الحياة معا‪ ،‬وترعرعا معا‪،‬‬
‫وبلغا أش ّدھما معا‪ ،‬وحياة محمد كلھا نقية كأشعة الشمس‪ !!..‬لا يذكر حمزة شبھة واحدة أل ّمت بھذه‬

                        ‫الحياة‪ ،‬لا يذكر أنه رآه يوما غاضبا‪ ،‬أو قانطا‪ ،‬أو طامعا‪،‬أو لاھيا‪ ،‬أو مھزوزا‪...‬‬
                      ‫وحمزة لم يكن يتمتع بقوة الجسم فحسب‪ ،‬بل وبرجاحة العقل‪ ،‬وقوة اارادة أيضا‪..‬‬
‫ومن ثم لم يكن من الطبيعي أن يتخلف عن متابھة انسان يعرف فيه كل الصدق وكل الأمانة‪ ..‬وھكذا طوى‬

                                                   ‫صدره الى حين على أمر سيتك ّشف في يوم قريب‪..‬‬

                                               ‫**‬

                                                                            ‫وجاء اليوم الموعود‪..‬‬
‫وخرج حمزة من داره‪،‬متوشحا قوسه‪ ،‬مي ّمما وجھه شطر الفلاة ليمارس ھوايته المحببة‪ ،‬ورياضته‬

                                                     ‫الأثيرة‪ ،‬الصيد‪ ..‬وكان صاحب مھارة فائقة فيه‪..‬‬
‫وقضى ھناك بعض يومه‪ ،‬ولما عاد من قنصه‪ ،‬ذھب كعادته الى الكعبة ليطوف بھا قبل أن يقفل راجعا الى‬

                                                                                             ‫داره‪.‬‬
                                                     ‫وقريبا من الكعبة‪ ،‬لقته خادم لعبدﷲ بن جدعان‪..‬‬

                                                                      ‫ولم تكد تبصره حتى قالت له‪:‬‬
‫" يا أبا عمارة‪ ..‬لو رأيت ما اقي ابن أخيك محمد آنفا‪ ،‬من أبي الحكم بن ھشام‪ ..‬وجده جالسا ھناك ‪،‬‬

                                                                    ‫فآذاه وسبّه وبلغ منه ما يكره"‪..‬‬
                                                     ‫ومضت تشرح له ما صنع أبو جھل برسول ﷲ‪..‬‬
‫واستمع حمزة جيدا لقولھا‪ ،‬ثم أطرق لحظة‪ ،‬ثم مد يمينه الى قوسه فثبتھا فوق كتفه‪ ..‬ثم انطلق في خطى‬
‫سريعة حازمة صوب الطعبة راجيا أن يلتقي عندھا بأبي جھل‪ ..‬فان ھو لم يجده ھناك‪ ،‬فسيتابع البحث‬

                                                                      ‫عنه في كل مكان حتى يلاقيه‪..‬‬
                 ‫ولكنه لا يكاد يبلغ الكعبة‪ ،‬حتى يبصر أبا جھل في فنائھا يتوسط نفرا من سادة قريش‪..‬‬
‫وفي ھدوء رھيب‪ ،‬تق ّدم حمزة من أبي جھل‪ ،‬ثم است ّل قوسه وھوى به على رأس أبي جھل فش ّجه‬

                              ‫وأدماه‪ ،‬وقبل أن يفيق الجالسون من الدھشة‪ ،‬صاح حمزة في أبي جھل‪:‬‬
                      ‫" أتشتم محمدا‪ ،‬وأنا على دينه أقول ما يقول‪..‬؟! الا فر ّد ذلك عل ّي ان استطعت"‪..‬‬

‫وفي لحظة نسي الجالسون جميعا الاھانة التي نزلت بزعيمھم أبي جھل والدم لذي ينزف من رأسه‪،‬‬
‫وشغلتھم تلك الكلمة التي حاقت بھم طالصاعقة‪ ..‬الكلمة التي أعلن بھا حمزة أنه على دين محمد يرى ما‬

                                                                             ‫يراه‪ ،‬ويقول ما يقوله‪..‬‬
                                                                                     ‫أحمزة يسلم‪..‬؟‬

                                                                ‫‪74‬‬
   69   70   71   72   73   74   75   76   77   78   79