Page 72 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 72
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
**
وفي العام العشرين من الھجرة ،لقي سعيد ربه أنقى ما يكون صفحة ،وأتقى ما يكون قلبا ،وأنضر ما
يكون سيرة..
لقد طال شوقه الى الرعيل الأول الذي نذر حياته لحفظه وعھده ،وتتبع خطاه..
أجل لقد طال شوقه الى رسوله ومعلمه ..والى رفاقه الأ ّوابين المتطھرين..
واليوم يلاقيھم قرير العين ،مطمئن النفس ،خفيف الظھر..
ليس معه ولا وراءه من أحمال الدنيا ومتاعھا ما يثقل ظھره وكاھله،،
ليس معه الا ورعه ،وزھده ،وتقاه ،وعظمة نفسه وسلوكه..
وفضائل تثقل الميزان ،ولكنھا لا تثقل الظھور!!..
ومزايا ھز بھا صاحبھا الدنيا ،ولم يھزھا غرور!!..
**
سلام على سعيد بن عامر..
سلام عليه في محياه ،وأخراه..
وسلام ..ثم سلام على سيرته وذكراه..
وسلام على الكرام البررة ..أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم.
حمزة بن عبد المطلب
أسد ﷲ وسيّد الشھداء
كانت مكة تغ ّط في نومھا ،بعد يوم مليء بالسعي ،وبالك ّد ،وبالعبادة وباللھو..
والقرشيون يتقلبون في مضاجعھم ھاجعين ..غير واحد ھناك يتجافى عن المضجع جنباه ،يأوي الى
فراشه مبركا ،ويستريح ساعات قليلة ،ثم ينھض في شوق عظيم ،لأنه مع ﷲ على موعد ،فيعمد الى
مصلاه في حجرته ،ويظل يناجي ربه ويدعوه ..وكلما استيقظت زوجته على أزير صدره الضارع
وابتھالاته الحا ّرو الملحة ،وأخذتھا الشفقة عليه ،ودعته أن يرفق بنفسه ويأخذ حظه من النوم ،يجيبھا
ودموع عينيه تسابق كلماته:
" لقد انقضى عھد النوم يا خديجة"!!..
لم يكن أمره قد أ ّرق قريش بعد ،وان كان قد بدأ يشغلا انتباھھا ،فلقد كان حديث عھد بدعوته ،وكان يقول
كلمته سرا وھمسا.
كان الذين آمنوا به يومئذ قليلين جدا..
وكان ھناك من غير المؤمنين به من يحمل له كل الحب والاجلال ،ويطوي جوانحه على شوق عظيم الى
الايمان به والسير في قافلته المباركة ،لا يمنعه سوى مواضعات العرف والبيئة ،وضغوط التقاليد
والوراثة ،والتردد بين نداء الغروب ،ونداء الشروق.
72