Page 73 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 73

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

             ‫من ھؤلاء كان حمزة بن عبد المطلب‪ ..‬عم النبي صلى ﷲ عليه وسلم وأخوه من الرضاعة‪.‬‬

                                               ‫**‬

          ‫كان حمزة يعرف عظمة ابن أخيه وكماله‪ ..‬وكان على بيّنة من حقيقة أمره‪ ،‬وجوھر خصاله‪..‬‬
‫فھو لا يعرف معرفة العم بابن أخيه فحسب‪ ،‬بل معرفة الأخ بالأخ‪ ،‬والصديق بالصديق‪ ..‬ذلك أن رسول‬
‫ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وحمزة من جيل واحد‪ ،‬وسن متقاربة‪ .‬نشأ معا وتآخيا معا‪ ،‬وسارا معا على‬

                                                                      ‫الدرب من أوله خطوة خطوة‪..‬‬

‫ولئن كان شباب كل منھما قد مضى في طريق‪ ،‬فأخذ حمزة يزاحم أنداده في نيل طيبات الحياة‪ ،‬وافساح‬
‫مكان لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش‪ ..‬في حين عكف محمد على اضواء روحه التي انطلقت تنير‬
‫له الطريق الى ﷲ وعلى حديث قلبه الذي نأى به من ضوضاء الحياة الى التأمل العميق‪ ،‬والى التھيؤ‬

                                                                            ‫لمصافحة الحق وتلقيه‪..‬‬
‫نقول لئن كان شباب كل منھما قد اتخذ وجھة مغايرة‪ ،‬فان حمزة لم تغب عن وعيه لحظة من نھار فضائل‬
‫تربه وابن أخيه‪ ..‬تلك الفضائل والمكارم التي كانت تح ّل لصاحبھا مكانا عليّا في أفئدة الناس كافة‪ ،‬وترسم‬

                                                                    ‫صورة واضحة لمستقبله العظيم‪.‬‬
                                                           ‫في صبيحة ذلك اليوم‪ ،‬خرج حمزة كعادته‪.‬‬
                  ‫وعند الكعبة وجد نفرا من أشراف قريش وساداتھا فجلس معھم‪ ،‬يستمع لما يقولون‪..‬‬

                                                                        ‫وكانوا يتحدثون عن محمد‪..‬‬
‫ولأول م ّرة رآھم حمزة يستحوذ عليھم القلق من دعوة ابن أخيه‪ ..‬وتظھر في أحاديثھم عنه نبرة الحقد‪،‬‬

                                                                                  ‫والغيظ والمرارة‪.‬‬
                               ‫لقد كانوا من قبل لا يبالون‪ ،‬أو ھم يتظاھرون بعدم الاكتراث واللامبالاة‪.‬‬
                               ‫أما اليوم‪ ،‬فوجوھھم تموج موجا بالقلق‪ ،‬والھ ّم‪ ،‬والرغبة في الافتراس‪.‬‬
                                ‫وضحك حمزة من أحاديثھم طويلا‪ ..‬ورماھم بالمبالغة‪ ،‬وسوء التقدير‪..‬‬

‫وعقب أبو جھل مؤكدا لجلسائه أن حمزة أكثر الانس علما بخطر ما يدعو اليه محمد ولكنه يريد أم‬
           ‫يھ ّون الأمر حتى تنام قريش‪ ،‬ثم تصبح يوما وقد ساء صاحبھا‪ ،‬وظھر أمر ابن أخيه عليھا‪...‬‬

‫ومضوا في حديثھم يزمجرون‪ ،‬ويتوعدون‪ ..‬وحمزة يبتسم تا ّرة‪ ،‬ويمتعض أخرى‪ ،‬وحين انفض الجميع‬
‫وذھب كل الى سبيله‪ ،‬كان حمزة مثقل الرأس بأفكار جديدة‪ ،‬وخواطر جديدة‪ .‬راح يستقبل بھا أمر ابن‬

                                                             ‫أخيه‪ ،‬ويناقشه مع نفسه من جديد‪!!!...‬‬

                                               ‫**‬

             ‫ومضت الأيام‪ ،‬ينادي بعضھا بعضا ومع كل يوم تزداد ھمھمة قريش حول دعوة الرسول‪..‬‬
                                 ‫ثم تتح ّول ھمھمة قريش الى تح ّرش‪ .‬وحمزة يرقب الموقف من بعيد‪..‬‬

                                                                ‫‪73‬‬
   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77   78