Page 71 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 71
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
" فقد شھدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة ،وقد بضعت قريش لحمه ،وحملوه على جذعه ،وھم يقولون
له :أحب أن محمدا مكانك ،وأنت سليم معافى..؟ فيجيبھم قائلا :وﷲ ما أحب أني في أھلي وولدي ،معي
عافية الدنيا ونعيمھا ،ويصاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم بشوكة..
فكلما ذكرت ذلك المشھد الذي رأيتھو أنا يومئذ من المشركين ،ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومھا،
أرتجف خوفا من عذاب ﷲ ،ويغشاني الذي يغشاني"..
وانتھت كلمات سعيد التي كانت تغادر شفتيه مبللة بدموعه الورعة الطاھرة..
ولم يمالك عمر نفسه ونشوه ،فصاح من فرط حبوره.
" الحمد للله الذي لم يخيّب فراستي"!.
وعانق سعيدا ،وقبّل جبھته المضيئة العالية...
**
أي حظ من الھدى ناله ھذا الطراز من الخق..؟
أي معلم كان رسول ﷲ..؟
اي نور نافذ ،كان كتاب ﷲ..؟؟
وأي مدرسة ملھمة ومعلمة ،كان الاسلام..؟؟
ولكن ،ھل تستطيع الأرض أن تحمل فوق ظھرھا عددا كثيرا من ھذا الطراز..؟؟
انه لو حدث ھذا ،لما بقيت أرضا ،انھا تصير فردوسا..
أجل تصير الفردوس الموعود..
ولما كان الفردوس لم يأت زمانه بعد فان الذين يمرون بالحياة ويعبرون الأرض من ھذا الطراز المجيد
الجليل ..قللون دائما ونادرون..
وسعيد بن عامر واحد منھم..
كان عطاؤه وراتبه بحكم عمله ووظيفته ،ولكنه كان يأخذ منه ما يكفيه وزوجه ..ثم يوزع باقيه على
بيوت أخرى فقيرة...
ولقد قيل له يوما:
" تو ّسع بھذا الفائض على أھلم وأصھارك"..
فأجاب قائلا:
" ولماذا أھلي وأصھاري..؟
لا وﷲ ما أنا ببائع رضا ﷲ بقرابة"..
وطالما كان يقال له:
" تو ّسع وأھل بيتك في النفقة وخذ من طيّبات الحياة"..
ولكنه كان يجيب دائما ،ويردد أبدا كلماته العظيمة ھذه:
" ما أنا بالنتخلف عن الرعيل الأول ،بعد أن سمعت رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول :يجمع ﷲ عز
وجل الناس للحساب ،فيحيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحامام ،فيقال لھم :قفوا للحساب،
فيقولون :ما كان لنا شيء نحاسب عليه ..فيقول ﷲ :صدق عبادي ..فيدخلون الجنة قبل الناس"..
71