Page 70 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 70

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                               ‫**‬

‫كانت حمص أيامئذ‪ ،‬توصف بأنھا الكوفة الثانية وسبب ھذا الوصف‪ ،‬كثرة تم ّرد أھلھا واختلافھم على‬
                                                                                           ‫ولاتھم‪.‬‬

       ‫ولما كانت الكوفة في العراق صاحبة السبق في ھذا التمرد فقد أخذت حمص اسمھا لما شابھتھا‪...‬‬
‫وعلى الرغم من ولع الحمصيين بالتم ّرد كما ذكرنا‪ ،‬فقد ھدى ﷲ قلوبھم لعبده الصالح سعيد‪ ،‬فأحبوه‬

                                                                                         ‫وأطاعوه‪.‬‬
                                               ‫ولقد سأله عمر يوما فقال‪ " :‬ان أھل الشام يحبونك"‪.‬؟‬

                                                    ‫فأجابه سعيد قائلا‪ ":‬لأني أعاونھم وأواسيھم"‪!..‬‬
‫بيد أن مھما يكن أھل حمص حب لسعيد‪ ،‬فلا مفر من أن يكون ھناك بعض التذمر والشكوى‪ ..‬على الأقل‬

                                            ‫لتثبت حمص أنھا لا تزال المانفس القوي لكوفة العراق‪...‬‬
‫وتقدم البعض يشكون منه‪ ،‬وكانت شكوى مباركة‪ ،‬فقد كشفت عن جانب من عظمة الرجل‪ ،‬عجيب عجيب‬

                                                                                             ‫جدا‪..‬‬
                                   ‫طلب عمر من الزمرة الشاكية أن تعدد نقاط شكواھا‪ ،‬واحدة واحدة‪..‬‬

                                       ‫فنھض المتحدث بلسان ھذه المجموعة وقال‪ :‬نشكو منه أربعا‪:‬‬
                                                                 ‫" لا يخرج الينا حت يتعالى النھار‪..‬‬
                                                                                ‫وا يجيب أحدا بليل‪..‬‬

                                                  ‫وله في الشھر يومان لا يخرج فيھما الينا ولا نراه‪،‬‬
                  ‫وأخرى لا حيلة له فيھا ولكنھا تضايقنا‪ ،‬وھي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين"‪..‬‬

                                                                                    ‫وجلس الرجل‪:‬‬
                                                        ‫وأطرق عمر مليا‪ ،‬وابتھل الى ﷲ ھمسا قال‪:‬‬

                                                                 ‫" اللھم اني أعرفه من خير عبادك‪..‬‬
                                                                       ‫اللھم لا تخيّب فيه فراستي"‪..‬‬

                                                                ‫ودعاه للدفاع عن نفسه‪ ،‬فقال سعيد‪:‬‬
                                                    ‫أما قولھم اني لا أخرج اليھم حتى يتعالى النھار‪..‬‬
‫" فوﷲ لقد كنت أكره ذكر السبب‪ ..‬انه ليس لأھلي خادم‪ ،‬فأنا أعجن عجيني‪ ،‬ثم أدعه يختمر‪ ،‬ثم اخبز‬

                                                        ‫خبزي‪ ،‬ثم أتوضأ للضحى‪ ،‬ثم أخرج اليھم"‪..‬‬
                                                     ‫وتھلل وجه عمر وقال‪ :‬الحمد للله‪ ..‬والثانية‪..‬؟!‬

                                                                                ‫وتابع سعيد حديثه‪:‬‬
                                                                    ‫وأما قولھم‪ :‬لا أجيب أحدا بليل‪..‬‬
                                ‫فوﷲ‪ ،‬لقد كنت أكره ذكر السبب‪ ..‬اني جعلت النھار لھم‪،‬والليل لربي"‪..‬‬
                                                 ‫أما قولھم‪ :‬ان لي يومين في الشھر لا أخرج فيھما‪...‬‬
‫" فليس لي خادم يغسل ثوبي‪ ،‬وليس بي ثياب أب ّدلھا‪ ،‬فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر أن يجف بعد حين‪ ..‬وفي‬

                                                                          ‫آخر النھار أخرج اليھم "‪.‬‬
                                                 ‫وأما قولھم‪ :‬ان الغشية تأخذني بين الحين والحين‪..‬‬

                                                                ‫‪70‬‬
   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75