Page 75 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 75

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                                                ‫أع ّز فتيان قريش وأقواھم شكيمة‪..‬؟؟‬
‫انھا الطا ّمة التي لن تملك قريش لھا دفعا‪ ..‬فاسلام حمزة سيغري كثيرين من الصفوة بالاسلام‪ ،‬وسيجد‬
‫محمد حوله من القوة والبأس ما يعزز دعوته ويش ّد ازره‪ ،‬وتصحو قريش ذات يوم على ھدير المعاول‬

                                                                         ‫تحطم أصنامھا وآلھتھا‪!!..‬‬
‫أجل أسلم حمزة‪ ،‬وأعلن على الملأ الأمر الذي كان يطوي عليه صدره‪ ،‬وترك الجمع الذاھل يجت ّر خيبة‬
‫أمله‪ ،‬وأبا جھل يلعق دماءه النازفة من رأسه المشجوج‪ ..‬وم ّد حمزة يمينه م ّرة أخرى الى قوسه فثبتھا‬

                            ‫فوق كتفه‪ ،‬واستقبل الطريق الى داره في خطواته الثابتة‪ ،‬وبأسه الشديد‪!..‬‬

                                               ‫**‬

                                                    ‫كان حمزة يحمل عقلا نافذا‪ ،‬وضميرا مستقيما‪..‬‬
‫وحين عاد الى بيته ونضا عنه متاعب يومه‪ .‬جلس يفكر‪ ،‬ويدير خواطره على ھذا الذي حدث له من‬

                                                                                            ‫قريب‪..‬‬
                                                                         ‫كيف أعلن اسلامه ومتى‪..‬؟‬
                                                  ‫لقد أعلنه في لحظات الحميّة‪ ،‬والغضب‪ ،‬والانفعال‪..‬‬
‫لقد ساءه أن يساء الى ابن اخيه‪ ،‬ويظلم دون أن يجد له ناصرا‪ ،‬فيغضب له‪ ،‬وأخذته الحميّة لشرف بني‬
                                             ‫ھاشم‪ ،‬فش ّج رأس أبي جھل وصرخ في وجھه باسلامه‪...‬‬
‫ولكن ھل ھذا ھو الطريق الأمثل لك يغدار الانسان دين آبائه وقومه‪ ...‬دين الدھور والعصور‪ ..‬ثم يستقبل‬
                                      ‫دينا جديدا لم يختبر بعد تعاليمه‪ ،‬ولا يعرف عن حقيقته الا قليلا‪..‬‬
                                             ‫صحيح أنه لا يشك لحظة في صدق محمد ونزاھة قصده‪..‬‬
‫ولكن أيمكن أن يستقبل امرؤ دينا جديدا‪ ،‬بكل ما يفرضه من مسؤوليات وتبعات‪ ،‬في لحظة غضب‪ ،‬مثلما‬

                                                                              ‫صنع حمزة الآن‪..‬؟؟؟‬

                           ‫وشرع يف ّكر‪ ..‬وقضى أياما‪ ،‬لا يھدأ له خاطر‪ ..‬وليالي لا يرقأ له فيھا جفن‪..‬‬
                          ‫وحين ننشد الحقيقة بواسطة العقل‪ ،‬يفرض الشك نفسه كوسيلة الى المعرفة‪.‬‬
‫وھكذا‪ ،‬لم يكد حمزة يستعمل في بحث قضية الاسلام‪ ،‬ويوازن بين الدين القديم‪ ،‬والدين الجديد‪ ،‬حتى‬
‫ثارت في نفسه شكوك أرجاھا الحنين الفطري الموروث الى دين آبائه‪ ..‬والتھيّب الفطري الموروث من‬

                                                                                          ‫كل جيد‪..‬‬

‫واستيقظت كل ذكرياته عن الكعبة‪ ،‬وآلھاھا وأصنامھا‪ ...‬وعن الأمجاد الدينية التى أفاءتھا ھذه الآلھة‬
                                                      ‫المنحوتة على قريش كلھا‪ ،‬وعلى مكة بأسرھا‪.‬‬

                    ‫لقد كان يطوي صدره على احترام ھذه الدعوة الجديدة التي يحمل ابن أخيه لواءھا‪..‬‬
‫ولكن اذا كان مقدورا له أن يكون أح أتباع ھذه الدعوة‪ ،‬المؤمنين بھا‪ ،‬والذائدين عنھا‪ ..‬فما الوقت‬

                                                                   ‫المناسب للدخول في ھذا الدين‪..‬؟‬
                                                     ‫لحظة غضب وحميّة‪..‬؟ أم أوقات تفكير ورويّة‪..‬؟‬

                                                                ‫‪75‬‬
   70   71   72   73   74   75   76   77   78   79   80