Page 80 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 80

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

‫فما كان يتص ّور قط أن يھبط الخلق العربي على ھذه الوحشية البشعة فيمثل بجثمان ميت على الصورة‬
                      ‫التي رأى فيھا جثمان عمه الشھيد حمزة بن عبد المطلب أسد ﷲ وسيّد الشھداء‪..‬‬

                   ‫وفتح الرسول عينيه التي تألق بريقھما كومض القدر وقال وعيناه على جثمان ع ّمه‪:‬‬
                                                                          ‫" لن اصاب بمصلك أبدا‪..‬‬

                                                    ‫وما وقفت موقفا قط أغيظ ال ّي من موقفي ھذا‪."..‬‬

                                                                       ‫ثم التفت الى أصحابه وقال‪:‬‬
‫" لولا أن تحزن صفيّة _أخت حمزة_ ويكون سنّه من بعدي‪ ،‬لتركته حتى يكون في بطون السباع‬

   ‫وحواصل الطير‪ ..‬ولئن أظھرني ﷲ على قريش في موطن من المواطن‪ ،‬لأمثلن بثلاثين رجلا منھم‪"..‬‬
                                                                            ‫فصاح أصحاب الرسول‪:‬‬

                 ‫" وﷲ لئن ظفرنا بھم يوما من الدھر‪ ،‬لنمثلن بھم‪ ،‬مثلة لم يمثلھا أحد من العرب‪"!!..‬‬

‫ولكن ﷲ الذي أكرم حمزة بالشھادة‪ ،‬يك ّرمه مرة أخرى بأن يجعل من مصرعه فرصة لدرس عظيم‬
                     ‫يحمي العدالة الى الأبد‪ ،‬ويجعل الرحمة حتى في العقوبة والقصاص واجبا وفرضا‪..‬‬

‫وھكذا لم يكد الرسول صلى ﷲ عليه وسلم يفرغ من القاء وعيده السالف حتى جاءه الوحي وھو في‬
                                                                 ‫مكانه لم يبرحه بھذه الآية الكريمة‪:‬‬

‫)ادع الى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬وجادلھم بالتي ھي أحسن‪ ،‬ان ربك ھو أعلم بمن ضل عن‬
                                                                       ‫سبيله ‪ ،‬وھو أعلم بالمھتدين‪.‬‬

                              ‫وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‪ ،‬ولئن صبرتم لھو خير للصابرين‪.‬‬
                           ‫واصبر وما صبرك الا با ‪ ،‬ولا تحزن عليھم‪ ،‬ولا تك في ضيق مما يمكرون‪.‬‬

                                                       ‫ان ﷲ مع الذين اتقوا‪ ،‬والذين ھم محسنون‪(..‬‬
                  ‫وكان نزول ھذه الآيات‪ ،‬في ھذا الموظن‪ ،‬خير تكريم لحمزة الذي وقع أجره على ﷲ‪..‬‬

                                               ‫**‬

‫كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يحبه أعظم الحب‪ ،‬فھو كما ذكرنا من قبل لم يكن ع ّمه الحبيب‬
                                                                                          ‫فحسب‪..‬‬

                                                                         ‫بل كان اخاه من الرضاعة‪..‬‬
                                                                                ‫وتربه في الطفولة‪..‬‬
                                                                                ‫وصديق العمر كله‪..‬‬

‫وفي لحظات الوداع ھذه‪ ،‬لم يجد الرسول صلى ﷲ عليه وسلم تحية يو ّدعه بھا خيرا من أن يصلي عليه‬
                                                                      ‫بعدد الشھداء المعركة جميعا‪..‬‬

‫وھكذا حمل جثمان حمزة الى مكان الصلاة على أرض المعركة التي شھدت بلاءه‪ ،‬واحتضنت دماءه‪،‬‬
‫فصلى عليه الرسول صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬ثم جيء يشھيد آخر‪ ،‬فصلى عليه الرسول‪ ..‬ثم رفع‬

                 ‫وترك حمزة مكانه‪ ،‬وجيء بشھيد ثاث فوضع الى جوار حمزة وصلى عليھما الرسول‪..‬‬

                                                                ‫‪80‬‬
   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85