Page 93 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 93

‫‪91‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                                              ‫حجاج أ ُّدول‬

            ‫من حكايات الإنس والجن‪..‬‬
‫السلطان ُط ْغ َمة وانتقام الرجل ال ُمخا ِوي‬

   ‫مشية الطاووس‪ .‬تربع على العرش‪ .‬طرد الوزراء‬             ‫هذه حكاية من حكايات ال ِجن الخيِّرين‪ ،‬الذين أحبوا‬
      ‫المخضرمين العارفين بشئون السلطنة‪ ،‬وأتى‬               ‫نف ًرا من الناس الطيبين‪ .‬وانتقموا لهم من الأشرار‬

  ‫بوزراء من أصدقائه اللاهين‪ ،‬وأبعد قائد العسكر‬               ‫عديمي الرحمة‪ .‬وأحداث تلك الحكاية يا مولاي‪،‬‬
        ‫وعيَّن قائ ًدا ظالمًا مثله‪ .‬اليوم التالي لجلوسه‬     ‫حدثت في سلطنة شرقية‪ ،‬بها مدينة تليدة حولها‬
                                                         ‫قرى سعيدة‪ .‬الخير سائد والنعمة متوفرة‪ .‬لذا فأهل‬
     ‫على العرش‪ ..‬أمر بزيادة المكوس على الفلاحين‬           ‫المدينة في رضاء‪ .‬السبب ليس فيه عجب‪ .‬فسلاطين‬
‫والملاحين والتجار والسقايين والنجارين والفرانين‬             ‫تلك المدينة وقراها دائ ًما رشداء يحبون رعاياهم‬
 ‫وكل المهن‪ .‬فتضرر كل الناس بدون استثناء‪ .‬وأمر‬
                                                                  ‫فأحبتهم الرعايا‪ ،‬فسكب عليهم الله الخير‪.‬‬
    ‫جنده بضرب الناس لأتفه الأسباب‪ .‬تزوج فتاة‬                ‫سارت أمور السلطنة على هذا المنوال‪ ،‬حتى تولى‬
‫طيبة من عائلة فاضلة‪ .‬وبعد شهر سلاها‪ ،‬وصارت‬                   ‫السلطنة سلطان شاب لم يتع َّد العشرين‪ .‬أهوج‬
                                                         ‫أهبل‪ .‬تجبَّر على الجميع بمن فيهم عائلته السلطانية‪.‬‬
 ‫لياليه مع الجواري المتنوعات‪ .‬فلما غضبت زوجته‬            ‫فأعمل فيهم ال َب ْه َد َلة وشتَّتهم‪ ،‬لأنهم نصحوه وبيَّنوا‬
 ‫نفاها‪ .‬وفي عام واحد‪ ،‬اشترى مائة جارية جديدة‪،‬‬              ‫له سوء العاقبة‪ .‬رحم الله أمه من غ ِّي ابنها فماتت‬
 ‫وخمسين خصيًّا‪ ،‬ومائتين من العبيد بيض وسود‬                ‫وهو طفل يكره العلم والمعرفة‪ .‬وش َّب صبيًّا فأحب‬
 ‫وصفر‪ .‬وأقام في قصره الحفلات الماجنة والولائم‬               ‫اللعب بالسيف وحركات الفرسان‪ ،‬وحتى في هذا‬
‫الفاخرة‪ ،‬وصار يبذر في بيت المال بطيش وفجاجة‪.‬‬               ‫لم يكن فال ًحا‪ ،‬فقط لأنه أمير وولي العهد‪ ،‬كان من‬
                                                             ‫يتدربون معه يتركونه يفوز عليهم‪ ،‬ليتقوا شره‬
     ‫الرعية تركوا اسم سلطانهم الأساسي ونعتوه‬                 ‫إن انهزم‪ ،‬فهو مغرور ُم َت َع ْن ِط ْز‪ .‬أبوه مات وابنه‬
    ‫بالسلطان ُط ْغ َمة‪ .‬وكان النعت ِسر ًّيا بين الرعية‬   ‫شاب في السابعة عشرة‪ ،‬فتولى الابن الطائش عرش‬
   ‫لفترة‪ ،‬ثم شاع حتى وصل للقصر‪ ،‬وزير خائب‬
  ‫أبلغه حتى يأمر بعقاب كل من تس ِّول له نفسه أن‬                                                 ‫السلطنة‪.‬‬
    ‫يشير للسلطان بهذا النعت القبيح‪ .‬المفاجأة‪ ..‬أن‬                ‫دخل قاعة العرش في ملبس قشيب‪ ،‬يمشي‬
‫السلطان أعجبه هذا الاسم وارتضاه‪ .‬ضحك وطالب‬
  ‫حاشيته بأن ينادوه بهذا الاسم‪ ..‬السلطان ُط ْغ َمة‪.‬‬
   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98