Page 97 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 97

‫‪95‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

  ‫أحجار وطحالب‪ .‬الكثير من الجن يقفون يتطلعون‬                                         ‫‪ -‬أزوركم! أين؟‬
    ‫إليها‪ .‬يبتسمون لها‪ .‬أخذوها في جولة إلى أركان‬                                         ‫قالت الفتاة‪:‬‬
                                                                                         ‫‪ -‬في النهر‪.‬‬
 ‫القرية‪ .‬وصلت لمبنى كبير يكاد يكون قص ًرا‪ .‬تقف‬
   ‫أمامه امرأة واضح أنها كبيرتهم‪ .‬قالت لها المرأة‪:‬‬                                  ‫‪ -‬أغرق يا بنيتي‪.‬‬
                                                      ‫‪ -‬لا يا جدتي‪ .‬نحن معك‪ .‬ومثلما لا يغرق أبي‪ ،‬لن‬
                          ‫‪ -‬أه ًل بك يا أم الخير‪.‬‬
                                     ‫‪ -‬أه ًل بك‪.‬‬                                             ‫تغرقي‪.‬‬
                                                         ‫شجعها عبده المُخاوي‪ .‬قامت وسارت وسطهم‪.‬‬
‫بقيت معهم قلي ًل في َو َنسة جنيَّة بشرية‪ .‬ثم صعدت‬    ‫خرجوا من الحجرة الطينية وساروا في الظلام حتى‬
 ‫وعبده إلى يمينها وامرأته إلى يسارها‪ .‬خلفهم الابن‬      ‫وصلوا لضفة النهر‪ .‬نظرت أم الخير لسطح النهر‬
‫والابنة‪ .‬وصلت رؤوسهم أعلى سطح النهر‪ .‬تتنفس‬              ‫وانعكاسات النجوم تتلاعب عليه‪ .‬خافت‪ .‬حاولت‬

   ‫أم الخير وهي تضحك‪ .‬سارت وخرجت للضفة‪.‬‬                         ‫الرجوع‪ .‬أمسك بها عبده في رفق‪ .‬قال‪:‬‬
  ‫ملابسها عادت جافة‪ .‬دخلوا بيتها الطيني‪ .‬تقدمت‬                                            ‫‪ -‬أنا معك‪.‬‬
 ‫إليها الفتاة ووضعت أمامها طاجنًا ساخنًا به سمك‬
                                                     ‫هبطوا في النهر‪ .‬وعندما صارت أم الخير كلها تحت‬
    ‫مطبوخ‪ .‬الولد تقدم بقارورة مشروب له رائحة‬            ‫المياه‪ ،‬وجلبابها مبتل تما ًما‪ .‬لا هواء‪ .‬فقط كميات‬
    ‫طيبة وعدد من أرغفة ساخنة‪ ،‬ووضعها بجوار‬
                                                     ‫من المياه المظلمة‪ .‬كان وجه عبده أمام وجهها تما ًما‪.‬‬
                 ‫طاجن السمك‪ .‬قالت زوجة عبده‪:‬‬         ‫قال لها وحيًا‪ :‬تنفسي تنف ًسا عاد ًيا‪ ،‬فتنفست‪ ،‬فكان‬
  ‫‪ -‬نحن نرعاك يا أم الخير‪ .‬ولن نرضى أن يظلمك‬           ‫الهواء في صدرها! ابتسمت فابتسم لها‪ .‬يسبحون‬
‫ظالم‪ .‬يجب أن يتركو ِك حتى ُتتوفي في بيتك و ُتدفني‬
                                                       ‫لأسفل وتفعل مثلهم‪ .‬الرؤية تتضح‪ .‬حولها‬
                               ‫مع زوجك وابنك‪.‬‬         ‫تهويمات تشبه عائلة عبده‪ .‬سباحتها صارت‬
   ‫أم الخير تبكي‪ .‬قامت المرأة وابنها وابنتها‪ .‬وقام‬    ‫هيِّنة ليِّنة‪ .‬وصلوا للقاع‪ .‬بيوت من شبه‬
 ‫معهم عبده المُخاوي واختفوا‪ .‬توقفت أم الخير عن‬
 ‫البكاء‪ .‬أكلت وشربت وشكرت ربها ونامت سعيدة‬

                      ‫وعلى وجهها ابتسامة فرح‪.‬‬
     ‫ولما جاء أمر البيع‪ .‬رفض عبده المُخا ِوي‪ ،‬فأتاه‬
  ‫عشرة من فرقة الدم‪ .‬ضخام غلاظ‪ .‬من بعيد عدد‬
   ‫من الفلاحين رجا ًل ونساء وأطفا ًل يراقبون‪ ،‬ولا‬
     ‫يستطيع أحد منهم حمايته‪ .‬أم الخير تقف عند‬
 ‫حجرتها القريبة مما يجري‪ ،‬تشاهد وقلبها ينتفض‬
 ‫خو ًفا على جارها وصديقها عبده المُخاوي‪ .‬شاهدت‬
‫وكيل السلطان وهو يشير بيده ناحية عبده المُخاوي‬
‫وهو يرغي ويزبد‪ .‬العشرة الأجلاف أسرعوا ناحية‬
   ‫عبده وبدون أي كلام أخذوا في ضربه‪ .‬وعبده لا‬
     ‫يخافهم‪ ،‬بل وهو يتلقى الضرب يلعن السلطان‬
  ‫ُط ْغمة! يلعن السلطان! كاد قلب وكيل السلطان أن‬

                             ‫يتوقف‪ .‬صاح آم ًرا‪:‬‬
                                 ‫‪ -‬قسوة أعتى‪.‬‬

     ‫فرقة الدم المتجبرة‪ ،‬ألقت بعبده المُخاوي أر ًضا‬
  ‫وضربوه ضر ًبا رهيبًا‪ ،‬أحدهم طعن عبده بحربته‬

    ‫طعنتين‪ .‬فلما تألم عبده المُخاوي واعتدل ليقوم‪،‬‬
     ‫الطعنة الثالثة اصطدمت برأسه فأصابت عينه‬
   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102