Page 17 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 17
15 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
كويس بين الأدب الانجليزي والفرنسي والألماني كل الميراث الفصيح بتاعنا ناخد منه ونسيب على
والأسباني إلى آخره. كيفنا ،المهم السياق والمحافظة على الإيقاع من غير
هوية الكتابة الإبداعية بتحددها عوامل كتير، نشاز.
اللغة مهمة ،لكن الروايات الروسية المترجمة ده معناه برضه ان المسألة مش الأصل المعجمي،
تبقى إيه غير أدب روسي؟! وفيه هويات ناطقة مضحك ج ًّدا لما تجيب كلمة عامية وتحاول تقول
بأكتر من لغة ،زي الهوية الجزائرية والمغربية دي أصلها فصيح ،زي مث ًل كلمة شوية ،وهي كلمة
لهم أدب مكتوب بالفرنسية ،والهوية المصرية لها عامية بصرف النظر عن كل محاولة لإثبات أصلها
أدب مكتوب بالفرنسية زي أعمال ألبير قصيري، الفصيح بالقول انها تصغير شيء لشييء ،ومكروه
وبالإنجليزية زي أعمال أهداف سويف ،انما لو جمع حرفين زي بعض فتتقال شويء ،وبتخفيف
بصيت على كتابة أندريه جيد مصري الأصل فهي
أدب فرنسي ،ومكتوب بالفرنسية ،يعني ببساطة الهمزة ودا جايز لغو ًّيا تبقى شوي ،وبالإعراب
الموضوع مش اللغة في حد ذاتها ،لازم نفرق بين نصبًا تبقى شو َّيا ،المسألة مش كده ،المسألة إيقاع
الأدب الانجليزي والأدب المكتوب بالإنجليزية ،بين ضمن سياق ،ده معناه الاعتراف بالشائع المألوف،
الأدب المكتوب بالعربية ،والأدب المصري اللي ممكن اتعودنا كلمة «شوية» عامية فهي عامية ،مالوش
ينكتب بالفصحى وممكن ينكتب بالعامية زي ما
ممكن ينكتب بأي لغة تانية .واحنا مفيش خلاف لازمة نأصلها عشان نقول دي فصيحة ،مش
على إن الشعر المصري الحديث فيه المكتوب فصحى محتاجين إذن معجمي عشان نستعمل أي لفظ،
التفكير ده أساسه نظرة قديمة تعتبرنا إحنا والحياة
والمكتوب عامية. بحالها في خدمة اللغة ،عكس المفروض ،وبناء عنوان
رواية زي «قف على قبري شويا» وإيقاعه فصيح؛
الاشتباك مع المقدس ،وحديث المؤامرة لكنه استعان بكلمة عامية بأغراض فنية زي المفارقة
أو حس السخرية المأساوي ،ثم إن كده كده معظم
عندنا ارتباط مالوش مثيل في أي ثقافة تانية بين ألفاظ العامية جي من الفصحى ،والمهم زي ما قلنا
اللغة والمقدس الديني ،ارتباط اللغة العربية والقرآن
هو الإطار أو السياق.
الكريم أساسي في الثقافة العربية ،فيه تقديس
ثانوي للغة العربية موازي للتقديس الأولي للقرآن، مشكلة الهوية
ودا جزء من الأزمة المزمنة للفصحى ،مشكلة مصطلح الأدب العربي فيه كلام ،احنا متعودين
الثقافة العربية -بتراثها وواقعها -إنها بشكل ما نقول كلمة أدب عربي ع الأدب المكتوب بالعربية،
وبعوامل كتير يطول شرحها عبارة عن هوامش
للمتن القرآني ،شوف مشكلة زي انتحال الشعر طيب مث ًل هل الأدب المكتوب بالعامية جزء من
الجاهلي ،أو حلل المفاهيم الأساسية اللي بيقوم عليها الأدب «العربي»؟! الهوية العربية للأدب معناها إيه
التراث ده والعقل الحالي كمان وقارنهم بالمفاهيم
تحدي ًدا؟! جامعة الدول العربية بتقول لك كل من
القرآنية ،دا مث ًل بس مش أكتر. يتكلم عربي يبقى عربي ،ودا كلام مش معقول،
ومن جوانب الإشكال ده ان التراث الديني بيبص هل كل من يتكلم انجليزي يبقى انجليزي؟ أكيد
للفصحى بشكل أسطوري فقال لك مث ًل دي لغة الإنجليز غير الأمريكان غير الهنود غير النيجيريين،
آدم ،ولغة أهل الجنة ،فيه قداسة اتعملت للغة ذاتها، ولو كانوا كلهم بيتكلموا انجليزي ،لو المسألة عقلية،
لدرجة اعتبارنا في خدمتها زي ما قلنا قبل كده مش هل نقول الأدب العربي على كل الناس اللي عايشين
إنها هي اللي عشان تخدمنا ،يعني تبقى اللغة غاية بالعقلية العربية؟ نميز ازاي بين العقلية العربية
مش وسيلة تفكير وتعبير ،دا معناه عند البعض والعقلية الإسلامية والأصل واحد؟ وقصدي هنا
ان الكتابة بالعامية خروج على القداسة دي ،وده بكلمة إسلامية الثقافة والحضارة مش الدين .طيب
يوصل لدرجة اعتبار الكتابة بالعامية مؤامرة على في النطاق الحضاري الغربي ،ورغم إن العقلية
الأوروبية أو الغربية واحدة تقريبًا ،فيه تمييز