Page 14 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 14
العـدد 27 12
مارس ٢٠٢1
جماع عدد من الشخصيات الثقافية في آن واحد، الكوميديا السوداء ،منها مقتل الرئيس العراقي
فهي شخصية مركبة وديناميكية ،مشبعة بالتاريخ عبد السلام عارف في حادث سقوط طائرته
الثقافي والسياسي والاجتماعي العراقي والعربي، السمتية في البصرة ،من خلال تقديم صورة
وهي أقرب ما تكون إلى الأسطرة ،وربما هي كناية
عن الذاكرة البغدادية والعراقية ،ويمثلها منظورها كاريكاتيرية للرئيس ولتصرفاته وأقواله ،واختزال
مقتله بكلمة ساخرة شاعت بين الناس آنذاك هي
الحياتي مرقا ًبا نقد ًّيا على حركة الحياة والأفكار «صعد لحم ،نزل فحم» ،كما قدمت الروائية الكثير
والفنون طيلة ما يقرب من القرن ،وترمي ًزا عن من الجرائم التي ارتكبها صدام حسين وتلك التي
المنظور النسوي الجريء للرواية .ومن الجهة
ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكي عبر هذا المنظور
الأخرى ،فهي شخصية مباشرة ومنفتحة الكوميدي الساخر.
وصريحة وانبساطية ،وخفيفة الظل ،ولا تنطوي
على مخاتلة أو تعقيد ،وهي تتقبل الرأي والرأي رواية «حفيد البي بي سي» محتشدة بالرموز
والدلالات والإيحاءات والإحالات ذات الطابع
الآخر ،لذا استحقت أن تكون عنوا ًنا للرواية، الميثولوجي أو الفولكلوري ،ويتبدى ذلك من
وليس حفيدها عبد الحليم شعيط الذي بدا انطوائيًّا خلال توظيف اللغة التي تحولت إلى حقل مفخخ
بالمفردات الساخرة ،ومنها عنوانات الفصول،
وقل ًقا ومغل ًقا ،ولا يمتلك خفة الظل التي لدى
جدته (شهرزاد) ،وهو غالبًا ما يميل إلى إقصاء وأسماء الشخصيات أمثال :شعيط ومعيط
وجرار الخيط ،بالمشمش ،فحل التوت ،شريف
فيلم الدكتاتور العظيم روما ،حلبوصة ،حسون الأمريكي ،حية وبطنج،
وغيرها كثير .وقد لاحظنا اقتران هذه الملفوظات
بالشخصيات الروائية الأساسية التي ضمتها
الرواية ،وفي مقدمتها شخصية (شهرزاد) الحكاءة
الأساسية التي تحولت إلى أسطورة لا زمنية
لمعايشتها لمراحل تاريخية عديدة ،وحفيدها عبد
الحليم شعيط الذي يفترض فيه استلام خيط
السرد من جدته ليبرر إدراج اسمه عنوا ًنا للرواية،
بدي ًل عن اسم جدته ،الجدير بالعنونة ،و(منار)
الموظفة في المكتبة الوطنية التي تحمل أفكا ًرا
تنويرية وتطلق تعليقات ساخرة وجريئة تحرج
فيها زميلها (عبد الحليم شعيط) ،و (بدر) أنموذج
للفنان التنويري المتمرد حد البوهيمية.
وبذا فالروائية نجحت في تقديم أربعة نماذج -على
الأقل ،ولا أقول أنما ًطا -من الشخصيات الروائية،
لكل شخصية منظورها الخاص في الحياة،
وهذه المنظورات تتفاعل تار ًة وتتقاطع تار ًة
أخرى لتشكل الفضاء الثقافي للرواية .شخصية
شهرزاد ،هي الشخصية المركزية المهيمنة ،وعلى
الرغم من ولادتها في الناصرية ،فهي أقرب ما
تكون إلى الشخصية البغدادية بوعيها وثقافتها
الموسوعية وإقبالها على الحياة ،وعلى كل ما هو
جديد ومنفتح .ويبدو لي أن شخصية شهرزاد هي