Page 201 - b
P. 201
نفسه في الجنة؟ ألم يعد النبي المؤمن -في حديث أوردته قب ًل -بأن
يكون شا ًّبا فتيًّا لا يكبر؟ وهل مفهوم (الحركة) الدنيوي هو المفهوم
نفسه في الجنة؟ هل المسافات والأثقال في الدنيا مثلهما في الجنة؟
والأهم من كل ذلك :هل في الجنة سادة وعبيد؟ ألسنا موعودون بأن
نجد كل شيء نفكر فيه أمامنا دون عناء؟
***
بصرف النظر عن المبالغة في وصف الجنة ،وتطور مفهومها من
(حديقة عدن) في اليهودية التي عاش فيها آدم منذ خلقه حتى نزوله
إلى الأرض ،إلى (ملكوت السماء) أو (ملكوت الرب) في المسيحية
كمستقر بعد الموت دون أوصاف ،إلى هذه الأوصاف الحسية المبالغ
فيها في الإسلام ..بصرف النظر عن ذلك ،فهناك من يرون أنها
مجرد ترغيب خيالي لا وجود له ،وأن «عقيدة البعث( )13سبقت ظهور
الديانات الإبراهيمية حتى تم بناء الأهرامات ،وهي شواهد على علاقة
المصري وإيمانه الشديد بانتظار العالم الآخر بعد الموت .فهناك جنة
الأبرار ونار الأشرار ،على أن تجري محاكمة إلهية فاصلة لدخول
أحدهما ،فكانت اللغة المصرية القديمة تكتب على المقابر «دي عنخ
جت جح» بمعنى «معطي الحياة ،معطي الأبدية» ،كما نقرأ في (كتاب
الموتى) الفرعوني عن بردية آني بالمتحف البريطاني للكاتب برت
إم هرو ،ترجمه إلى العربية د.فيليب عطية (ص« :)8التحية يا كل
آلهة معبد الروح الذين يزنون الأرض والسماء في الميزان ويمنحون
بسخاء وجبات الطعام في الضريح ..خالق البشر ..لتأت مهل ًل لـ(رع)
سيد السماء ،أمير الحياة ..عدوك الثعبان قد ألقي إلى النيران» .فهذا
يدلل على أن الضريح جزء مستمر للحياة بعد موت الجسد ،وكما
كان الثعبان رمز الشر في جنة عدن ،هو كذلك في العقيدة الفرعونية
رمز الشر ،حتى أن هذا الثعبان قد ألقي في النيران .وفي (ص)20
تتضح الصورة أكثر ،ذلك أن «الموكب الجنائزي يتقدم إلى المقبرة..
201