Page 199 - m
P. 199

‫‪197‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫التقليد بألفريد جاري‪ .‬لقد‬       ‫أفكارهم أثارت اهتمامی"‪.‬‬
    ‫استوعب يونسكو أفكار‬           ‫لقد بهر السرياليون بفكرة‬

‫جاري وفلسفة العبثية وروح‬            ‫الهروب إلى عالم الحقيقة‬
 ‫الكوميديا التي اعتقد جاري‬        ‫الكاملة الكامنة في اللاوعي‬
‫أنها الوسيلة الوحيدة لتناول‬
  ‫الحياة في عبثيتها المتناهية‪،‬‬      ‫بحيث أعمتهم عن الخطر‬
  ‫لقد رفض يونسكو فلسفة‬            ‫الكامن منذ الأبد في الموقف‬
    ‫الحلول السهلة التي آمن‬      ‫أو الوضع الانساني‪ ،‬ويصور‬
     ‫بها السرياليون ورفض‬           ‫السرياليون أن استكشاف‬
   ‫روح التفاؤل السهل التي‬
   ‫تغلغلت في هذا التيار‪ ،‬ذلك‬        ‫اللا وعى بصورة تلقائية‬
 ‫التفاؤل الذي كان يستند إلى‬        ‫كاملة هو طريق الخلاص‪،‬‬
 ‫الإيمان بأن الحقيقة الكاملة‬    ‫وكان هذا في رأي يونسکو‬
     ‫‪-‬وهي صنو الخلاص‪-‬‬               ‫خطأً كبي ًرا‪ ،‬فالفنان لا بد‬
  ‫تكمن في استكشاف الفنان‬         ‫وأن يحقق تواز ًنا دقي ًقا بين‬
   ‫لحياته الداخلية اللاواعية‬
   ‫والتصافي في تلقائية ونبذ‬          ‫التلقائية وبين ما أسماه‬
   ‫العالم العقلاني التقليدي‪.‬‬    ‫بالوضوح الفني حتى يتحقق‬
 ‫إن أعمال يونسکو تعكس‬
       ‫بوضوح ميله لفلسفة‬             ‫لتجربته الفنية الاكتمال‬
    ‫ما بعد اللاوعي وما بعد‬         ‫المؤثر‪ ،‬ولا يجب أن يغرق‬
   ‫اللاوعى الميتافيزيقية‪ ،‬أي‬
     ‫فلسفة الحلول الخيالية‬             ‫الفنان في عالم الرؤى‬
      ‫أو اللا حلول‪ .‬لقد كان‬       ‫والأحلام التلقائية بل ينظم‬
  ‫يونسكو يعتقد مثل جاري‬
   ‫بعبثية محاولة البحث عن‬            ‫هذه الاحلام والرؤى في‬
                ‫الحقيقة(‪.)22‬‬    ‫شكل فني واضح منظم يعبر‬

‫النص المسرحي «أوبو‬                  ‫عن رؤية الفنان الشاملة‬
        ‫مل ًكا»‬                   ‫للموقف الإنساني‪ ،‬حتى لو‬

‫تشكل مسرحية "أوبو مل ًكا"‬            ‫كان موق ًفا عبثيًّا هزليًّا‪.‬‬
    ‫محاكاة تهكمية صريحة‬         ‫لم تكن السريالية إذن عنص ًرا‬

 ‫لتراجيديا شكسبير الخالدة‬         ‫أساسيًّا في ميراث يونسكو‬
 ‫"مكبث"‪ ،‬وتدور أحداثها في‬         ‫الأدبي باعترافه‪ .‬لقد رفض‬
‫بولندا‪ ،‬وهى تروى لنا حكاية‬
  ‫القائد أوبو‪ ،‬وهو ذو ماض‬             ‫فكر ًّيا نبراتها التفاولية‬
                                ‫السهلة ورفض فنيًّا تلقائيتها‬
     ‫مجيد‪ .‬حيث كان يشغل‬           ‫الهوجاء‪ .‬وإذا كان يونسكو‬
    ‫عدة مناصب هامة‪ ،‬منها‬
                                  ‫قد أنكر انتماءه للسرياليين‬
                                ‫فقد أعلن أنه يفتخر ويتشرف‬

                                     ‫بانتمائه للباتافيزيقيين‪..‬‬
                                  ‫بل إنه نشر عد ًدا غير قليل‬
                                   ‫من أعماله للمرة الأولى في‬
                                  ‫كراسات ودوسيهات الكلية‬

                                              ‫الباتافيزيقية‪.‬‬
                                     ‫لم يتأثر يونسكو تأثي ًرا‬

                                        ‫مباش ًرا يتخذ صورة‬
   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204