Page 204 - m
P. 204

‫العـدد ‪57‬‬                              ‫‪202‬‬

                               ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬                        ‫وكأنه طفل وسط مجموعة‬
                                                                                ‫من الأطفال‪.‬‬
‫يفضي بالشخصية إلى سلوك‬              ‫الامتلاك‪ ،‬لكنها سرعان‬
‫عرائسي في أفعالها المسرحية‪.‬‬       ‫ما تضعه على أول الطريق‬              ‫ولا يعدم هذا الطفل أن‬
                                 ‫باستدعائها للمتآمرين‪ .‬بعد‬      ‫يسخر من كل المقدسات فهي‬
   ‫والأم أوبو تمارس أفعالها‬        ‫ذلك نجدها وقد انصرفت‬         ‫لا تمثل له شيئًا مرجعيًّا‪ .‬فلقد‬
   ‫بآلية‪ ،‬وكأنها قدر محتوم‬        ‫تما ًما إلى سرقة الأب أوبو‬    ‫تذكر الأب أوبو أنهم قد نسوا‬
 ‫عليها دون أدنى مجال للندم‬
   ‫أو المعاناة التي كانت لدى‬        ‫الذي أصبح مل ًكا‪ ،‬إلى أن‬       ‫شعيرة القسم على النضال‬
     ‫ليدي مكبث في مسرحية‬            ‫يلتقيا في مشهد الكهف‪،‬‬          ‫والكفاح في نهاية المؤامرة‪،‬‬
                                ‫وتنال عقابها من الأب أوبو‪،‬‬        ‫وهي بقايا حكايات الأطفال‬
     ‫شكسبير‪ .‬فالأم أوبو لا‬       ‫الذي يشابه عقاب القراقوز‬           ‫عن الفرسان المتآمرين في‬
 ‫تندم ولا تعاني‪ ،‬ولكن تقوم‬       ‫لزوجته‪ :‬خلع الأنف‪ ،‬ونزع‬
‫بدورها الذي خلقت له وكأنها‬           ‫الشعر‪ ،‬وإدخال العصا‬                  ‫العصور الوسطى‪.‬‬
 ‫دمية يحركها فنان العرائس‪.‬‬          ‫الصغيرة داخل الأذنين‪،‬‬         ‫بوردور‪ :‬وكيف نفعل ذلك؟‬
 ‫فهي عروسة صنعت لتؤدي‬           ‫واستئصال المخ من الكعبين‪،‬‬
‫دو ًرا معينًا دون أن تكون لها‬   ‫وبتر الأرداف‪ ،‬وإزالة جزئية‬               ‫ليس عندنا قسيس‪.‬‬
                               ‫أو كاملة للنخاع الشوكي (إذا‬       ‫الأب أوبو‪ :‬ستقوم الأم أوبو‬
          ‫حياتها الشخصية‪.‬‬        ‫كان في ذلك على الأقل إزالة‬
    ‫إنها الشخصية الثانية في‬       ‫لفقرات الطباع) بالإضافة‬                       ‫بهذا الدور‪.‬‬
    ‫ثنائية القراقوز وزوجته‪،‬‬     ‫إلى فتح قناة المريء‪ ،‬وأخي ًرا‬               ‫(ف‪ ،1‬م‪.)31()7‬‬
      ‫فكثي ًرا ما تلجأ إلى سب‬      ‫فصل الرقبة على غرار ما‬       ‫ثالثا‪ :‬عرائسية الشخصية‪:‬‬
  ‫الأب أوبو‪ .‬والهرب منه بعد‬    ‫حدث للقديس يوحنا المعمدان‪.‬‬               ‫إن السمة البارزة في‬
    ‫مطاردة عنيفة‪ .‬ثم تعنفه‪،‬‬     ‫كل ذلك مأخوذ عن الأسفار‬         ‫الشخصيات التي تحيط بأوبو‬
‫وهي في الوقت نفسه تمارس‬         ‫المقدسة‪ ،‬وكذلك العهد القديم‬       ‫أنها تتحرك في مجموعة من‬
 ‫الوحشية والعنف‪ ،‬ولكنها لا‬        ‫والعهد الجديد‪ ،‬ولكن‪ :‬بعد‬      ‫الدوائر حول أوبو‪ ،‬ولكل منها‬
‫تعدم أن تلصق هذه الوحشية‬         ‫أن راجعه ونقحه الفقير إلى‬          ‫وجهته الخاصة أو مجاله‬
   ‫بالأب أوبو‪ .‬ثم سرعان ما‬     ‫الله الذي أمامك أستاذ المالية‪.‬‬    ‫الخاص‪ ،‬وغايته التي يجاهد‬
‫تنال عقابها المتكرر والضرب‬        ‫هل يكفي ِك هذا أيتها البلهاء‬       ‫في الوصول إليها‪ .‬الأمر‬
                                                                    ‫الذي يدفع إلى الإحساس‬
                  ‫بالعصي‪.‬‬                        ‫(يمزقها)‬         ‫بأن هناك قوة فوقية تحرك‬
 ‫وحول شخصيتي الأب أوبو‬                      ‫(ف‪ ،5‬م‪.)32()1‬‬           ‫هذه الشخصيات وتتحكم‬
                                ‫في هذا العقاب نرى توصي ًفا‬          ‫في أفعالها‪ ،‬وأنها راضخة‬
      ‫والأم أوبو هناك نماذج‬      ‫كام ًل لعمليات التعذيب بكل‬       ‫لهذه القوة المحركة‪ ،‬فتندفع‬
      ‫أخرى من الشخصيات‬         ‫قسوتها ولا معقوليتها أي ًضا‪،‬‬        ‫في تحقيق رغبتها الدرامية‬
 ‫النمطية تتميز بالعمومية إلى‬       ‫وهذا التوصيف يتفق مع‬                      ‫بمنتهى العنف‪.‬‬
   ‫الحد الذي تحولت فيه إلى‬                ‫مسرح العرائس‪.‬‬          ‫فالأم أوبو تبدو في مسرحية‬
   ‫وجه قناع‪ ،‬يثبت مجموعة‬        ‫إلا أن العرائسية التي تبحث‬       ‫أوبو مل ًكا منذ اللحظة الأولى‬
 ‫من الملامح بكل ما في القناع‬        ‫عنها الدراسة مزدوجة‪،‬‬            ‫وكأنها محركة الأحداث‪،‬‬
    ‫من مبالغة‪ ،‬فأصبحت كل‬            ‫عرائسية الخضوع لقدر‬           ‫حيث تزرع في أوبو حلم أن‬
‫منها ممثلة لشريحة اجتماعية‬     ‫حتمي يسيِّر الشخصية بآلية‬          ‫يكون مل ًكا وتدفعه إلى ذلك‬
    ‫معينة أو أخلاقية معينة‪.‬‬        ‫نحو هدف ما‪ ،‬وعرائسية‬         ‫‪-‬صحيح أن ذلك دون معاناة‬
   ‫لنجد الملك فنسسلا‪ ،‬الذي‬           ‫التكوين التكنيكي الذي‬          ‫تذكر منها‪ -‬في حين يبدو‬
  ‫هو نوع ما من الملوك يتسم‬                                       ‫هو مشتتًا بين جبنه وشهوة‬
   ‫بالطيبة ولديه القابلية لأن‬
    ‫ُيخدع ويخلع عن عرشه‪،‬‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209