Page 214 - m
P. 214

‫دأبت المقالات والدراسات‬                                   ‫العـدد ‪57‬‬                            ‫‪212‬‬
  ‫عن تقديم أطروحاتها عن‬
   ‫قدامى المسرحيين الذين‬                                                     ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬     ‫شخص ٍّي‪ ،‬وتوسيع رقعة‬
 ‫رحلوا بدعوى أن تجربتهم‬                                                                    ‫الوضوح له‪ ،‬ويرفض باربا‬
                                     ‫ال ِّدراميَّة‪ ،‬وسيرة كل‬
      ‫قد اكتملت‪ ،‬ولا أدري‬            ‫الشخوص‪ ،‬فالعرض‬                                          ‫‪-‬في المقابل‪ -‬التعامل مع‬
  ‫كيف يكون الموت اكتما ًل‪،‬‬    ‫بالنسبة له عبارة عن أرضيَّة‬                                 ‫المتفرج كر ْقم‪ ،‬ويقترح تفكيك‬
 ‫والسبب الآخر هو انفتاحه‬            ‫لإثارة الماضي القريب‬
   ‫على تجارب عالمية أخرى‬           ‫والبعيد‪ ،‬يتو َّغل بنظرته‬                                  ‫بعض المواقف الأساسية‬
                              ‫متن ِّق ًل من القشرة السطحيَّة‬                                ‫الممكنة لسلوك المتفرجين‪،‬‬
      ‫حتى أنه مازج أحيا ًنا‬        ‫إلى أعمق نقطة ممكنة‪،‬‬
   ‫في عروض له بين فنون‬          ‫ويكون قاد ًرا على مشاهدة‬                                        ‫كبداية منهجية للقيام‬
 ‫وموسيقى من عدة مناطق‬             ‫العرض كل ليلة دون أن‬                                        ‫بتكنيك المخرج كمتفرج‪.‬‬
 ‫ليجعلها تتواشج في نسيج‪،‬‬                                                                     ‫ويعتبر المخرج واح ًدا من‬
   ‫فأخذ من المسرح الهندي‬              ‫يثير عنده الضجر‪.‬‬                                     ‫تلك الأنماط‪ ،‬فيس ِّميها «الأنا‬
   ‫بعض الثيمات الموسيقية‬                   ‫وفي النهاية‪..‬‬                                   ‫الأخرى للمخرج»‪ ،‬باعتباره‬
                                                                                             ‫هو هذا المتفرج الذي لديه‬
     ‫ومزجها مع موسيقى‬               ‫لقد آثرت الحديث عن‬                                    ‫معلومات كاملة ودقيقة‪ ،‬عن‬
    ‫يابانية وأفريقية‪ ،‬وكأنه‬     ‫يوجين باربا لعدة أسباب‪،‬‬                                    ‫ك ِّل ما يحتويه العرض‪ ،‬عن‬
‫يؤطر لعولمة فنية حقيقية لا‬                                                                  ‫النصوص والأحداث التي‬
 ‫تجنح لمركزية بعينيها‪ ،‬ولا‬         ‫من بينها معاصرته لنا‬                                       ‫تنمو منها‪ ،‬والاختيارات‬
  ‫تفرض وجهة نظر أحادية‬             ‫وكونه على قيد الحياة‪،‬‬
  ‫أو تعمى عن رؤية الجمال‬      ‫يعمل ويجد ويكتشف‪ ،‬حيث‬
  ‫في فنون أخرى فقط لأنها‬
‫لا تشبهها‪ ،‬أو لأنها تحتوي‬     ‫محمد صبحي في مسرحية الجوكر‬
 ‫على شفرات جمالية أخرى‬
 ‫تحتاج إلى جهد في كشفها‪،‬‬
 ‫فيكون المقابل هو نبذها أو‬
   ‫التعالي عليها‪ ،‬وهذا ما لم‬
   ‫يفعله يوجين باربا فكان‬
‫خلي ًقا أن أختاره من النماذج‬
‫التي أعجبت بعمله وسيرته‬
   ‫وتفهمت نظرياته وأردت‬
‫تقديمها وشرحها على النحو‬
‫الذي تأتى من خلال تتبعي‬
 ‫لمسيرته‪ ،‬ولعلي ولم أتعرف‬
 ‫بعد على تجاربه السينمائية‬
‫أعود له مرة أخرى كمخرج‬

     ‫سينمائي للتعرف على‬
  ‫أسلوبه الإخراجي‪ ،‬ومدى‬

       ‫تأثره أو انعتاقه من‬
   ‫المسرح‪ ..‬فإلى هذا الحين‬
   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219