Page 262 - m
P. 262
العـدد 57 260
سبتمبر ٢٠٢3
غيره؟ وهل وسائل التواصل وتبدو الغرابة فيها هي ما نعم ،إيمانك صائب باعتبار
الاجتماعي كانت سببًا رئيسيًّا أثارت انتباهك ..أليست أشعارنا الشعر هو عالم الشاعر الخاص،
في استسهال البعض للنص لحظات جميلة نرقع بها رداء فكل ما كتبته هو سيرتي
الشعري الحديث؟ الزمن البالي؟ ويومياتي ،والكتابة لد َّي
بمجملها نث ٌر ،فليست بي رغبة
أبدأ معك من آخر السؤال ،ليس آخر ما أنجزته من مشاريع بكتابة تأطرها أحكام شعرية
لوسائل التواصل الاجتماعي رسم وكتابة هي مخطوطة متداولة ومستهلكة ..لذا أقول
ذنب في ذلك ،وليست هي «التمائم الوثنية» ،كانت كرنفال دائ ًما إني لس ُت شاع ًرا ،ومن
كلمات خام في غابة من الرسوم، الطبيعي أن ما أكتبه «لا يشبه
السبب في إنتاج الرديء والمبتذل اشتغلتها في قلب الغابة :جمعت اح ًدا» كما تقولين ،فهم شعراء
والعمومي ..غير أنها وسعت حشائش ،وعيدان ،وأغصان، ومن المنطقي أن أختلف عنهم..
دائرة انتشاره ،نعم! لكنها لم وأوراق حية وذابلة ،ولحاء أنا أكتب بلا توصيف ،مثلما
تنتجه! الرديء إنتاج محلي شجر ،وخرق بالية ،وصنعت أتحدث معك الآن ،ومن واجبي
ابتداء من رحم الأم الأمية، منها قوالب (كليشيه) للطباعة أن أتفاهم معك على ذلك ،وأسعى
مرو ًرا بالفساد المجتمعي ليكون هذا التفاهم واض ًحا
السائد ،وصعو ًدا إلى قمة اليدوية وطبعتها ،وكتبت منذ البداية كما نصحنا ميلان
الهرم السياسي في البلاد.. نصوصها يدو ًّيا أي ًضا ..إنه كونديرا في وصاياه الملعونة.
الثقافة أغشية رقيقة تكمن في عمل ينتمي للغابة وحدها رو ًحا تطرقت في أجوبة سابقة ،إلى
قلب المجتمع وسرعان ما يتم وجس ًدا ،وليس لي فضل في أن الكتابة لدي ترافق الرسم،
تمزيقها وإتلافها ،وأو َّل من ذلك غير أني حملته إلى الورق فعلان ينبثقان سوية ،وبفعل
يتضرر حين يفقد المجتمع كما تحمل الحشرات اللقاح هذه الرفقة أصبحت الكتابة
صواب الطريق. بشعيرات أرجلها من متوك تشبه الرسم ،من جهة بناء
في مساء يوم في القاهرة، زهرة إلى مياسم زهرة أخرى الجملة وتعبيرية المفردة
وتلقحها ..أتعرفين أن الروح لا واحتدامها ،ويحكمني يقين أنى
صادفت عامل مخبز يحمل على ذكر ولا أنثى مثل الأزهار تلقح أرسم حين أكتب وأكتب حين
رأسه هر ًما هائ ًل من الخبز على أرسم ..السلم الذي يفضي
دراجة هوائية ،استوقفته لأخذ نفسها بنفسها؟ إلى الكتابة هو ذاته الذي أنزل
صورة معه ،توقف وملأ صدره غطت المخطوطة ست وأربعين منه إلى الرسم ،والمكان الذي
ورقة في الواقع ،إنما في الحقيقة أرسم فيه هو الذي أكتب
بالهواء وتصور معنا ..سألته غطت كليتي كلها ،وكانت آخر فيه محا ًطا بالصور والألوان
إلى أين يحمل الخبز؟ وكنت عمل افتخر به حققته منذ عام وأدوات الرسم ..أغلب كتاباتي
تقريبًا ..بعدها لم يصادفني ما على أوراق مرسوم عليها ،أو
أقصد المسافة التي يقطعها ،رد على ظهرها ،فمن الطبيعي أن
عليَّ :أحمله للجياع. يسحرني ويقودني لأرسمه تصطبغ الكلمات بالألوان ويعلو
وأقاتل الأيام من أجله. وجهها غبار الفحم ،فأعود إليها
أليس الخبَّاز بدراجته الهوائية مثلما يعود تاجر إلى دفاتره
والهرم فوق رأسه ثابتًا مثل استسهال النَّص الشعري العتيقة يبحث فيها عن دين في
هرم خوفو ،قصيدة عظيمة الحديث وكتابة نصوص تفتقر ذمة أحد ،أجمعها في نص واحد،
تحمل رائحة العيش؟ بمعنى آخر أرقعها مع بعضها،
الصدق الجمالي في إنتاجها،
كنت أقضي أيا ًما طويلة أصطاد برأيك ما هي الأسباب التي
السمك ،وكثي ًرا ما أعود خالي أدت إلى ذلك؟ وما الذي يحتاجه
الوفاض ،وقد حرقت أكتافي
الشمس .تعلمت حقيقة أن في المبدع لكي تتميز تجربته
الأعماق سمكة تسبح قد تأتي بسمات إبداعيَّة تميزه عن