Page 267 - m
P. 267
265 ثقافات وفنون
كتب
بالتفصيل في موضع آخر ،ومن عامة عن محتوى الفصل وكأن المطلة على أغلب مباني مدينة تل
أبرز هذه الأمثلة بداخل النص الكاتب يأخذ بيد القارئ بوضع أبيب ،يستدعي به عن طريق تقنية
هو إتيان الكاتب لحدث سفره الفلاش باك ذكرى حضوره الأول
عناوين عريضة يستطيع من
الأول لإسرائيل في بداية الرواية خلالها تجميع خطوط الفصل، لإسرائيل حين كانت تتأرجح
من خلال نظرة شمولية دون كما ساعدت العناوين الكاتب في أحاسيسه بين الرهبة والتحفظ
تنفيذ البناء الذي لا يسير وف ًقا
الوقوف على الكثير من الأشياء، للخط الزمني الاعتيادي بل ينطلق حيث كان الزمان غير الزمان
ثم يجيء بعد ذلك بأدق تفاصيل من الحاضر ثم يرجع للماضي والسياقات التي سبقت سفره
القريب ثم منه إلى الماضي البعيد الأول تختلف تمام الاختلاف عن
الرحلة متتب ًعا كافة التفاصيل «تاريخ تسمية ميت كردون» وجوده بتل أبيب في هذه اللحظة،
التحضيرية ونظرة كل من يتعامل كما تغير الشاب ذو الأصول
ليعود للحاضر مرة أخرى، الريفية ،ولم يعد نفس ذاك الفتى
معهم في محيطه لسفره والتي فجاءت العناوين تتبع نفس النسق الغض الأعرج المرتعب الذي قاده
تراوحت بين الجزع والفزع خياله الريفي البكر إلى الاستحمام
لتعمل على تمكين القارئ من في ظلام الحمام كي لا ترصده
خاصة من قبل والديه ،والتشجيع متابعة البناء الروائي بني ًة بني ًة؛ كاميرات العدو ،لم يبق هو نفس
المحفز من طرف جاره الجنرال ومن أمثلة هذه العناوين المو ِضحة الرجل الذي كان يتخبط في أعقاب
الحزين وريما مديرته في العمل «كنت هنا من قبل»« ،أنا هنا يا عودته لأرض الوطن بعد زيارته
وهو ما هيَّأ الأجواء للشخصيات أمي»« ،كنت طف ًل أعرج»« ،ميت الأولى لإسرائيل والذي أسماها
كي تفرد على مهل وعلى امتداد كردون والفرنسيس»« ،دار غالب» ضابط أمن الدولة المكلف بإعطاء
الفصول استنا ًدا لتكنيك المرايا التصاريح «بالزيارة الملعونة»،
المتقابلة ،ف ُيظهر كل فصل أحد وهكذا.. نضج الإنسان الذي تصور أن
تتابعت فصول الرواية في بناء الجميع يراقبونه كبصاصين
الأبطال من من ًحى ،لنجد انعكاس مهمتهم إنفاذ القانون عليه وسط
تطور نسق الشخصية ودوافعها سردي اعتمد على مهارات الجموع بإعدامه على رؤوس
في فصل آخر متقدم ،ففي مطلع الاختزال والتقطيع ومن ثم الأشهاد وفي وضح النهار حتى
الحياة الوظيفية للبطل المحوري التضفير ،فمث ًل يأتي الكاتب على يعتبر كل من تسول له نفسه أن
علي تعتذر له ريما في -الانترفيو ذكر حدث بعينه سري ًعا لتقفز يحذو حذوه ويقوم بزيارة دولة
بشركة الجميعي -عن عدم توفر الأحداث وتتوالى ليقوم بسردها بينها وبين وطنه اتفاقية سلام
وظيفة تلائم مؤهلاته وقت تقدمه انعقدت بنا ًء على مبادرة من دولته
للمجموعة ،فيغادر مقر الشركة
لتلحق به بخلال دقائق كي تخبره نفسها!
أنها ستمنحه فرصة متدرب لفترة يبدو للقارئ الذي يقصد الروايات
عليه أن يثبت نفسه فيها ،ثم تعود
في فصل متقدم لتكشف له دافعها بغرض المتعة أن الرواية أنجزت
في هذا التصرف بأنها رأت فيه وف ًقا لبناء كلاسيكي معتاد ،ولكن
من يتأمل النص سواء من ناحية
طموح وحماسة أخيها المغدور
«ريمون». البناء السردي أو بناء الفصول
أو حتى تطور الشخصيات ،يدرك
استعرضت ثلاثية نجيب محفوظ
الأشهر سيرة وطن فيما يربو أن الرواية انتهجت خ ًّطا حداثيًّا
في ترتيب الفصول واختيار
على النصف قرن من خلال رصد عناوينها ،التي تعطي فكرة
ذكي لكافة الأحداث السياسية
والمتغيرات الاجتماعية وأزمات
الأبطال الخاصة وما يواتي