Page 116 - m
P. 116
العـدد 58 114
أكتوبر ٢٠٢3
مايسة سالم
جدران هشة
مدة ما عشت معه في تلك الفترة .سافر بعد شهر في كل مرة أفتح عي َني أفاجأ بأي ٍد ناعمة ،وشفا ٍه
تقريبًا من زواجنا ،وعدت إلى بيت أهلي مرة أخرى، طرية ،وجس ٍد بض .وأتساءل كيف استطاع هذا
الجسد إمتاعي لهذه الدرجة؟ كيف أوصلني لرعشة
أعيش مع أمي وأبي ،وأخي يسكن معنا في المبنى الوصول وقمة المتعة؟! كيف لجس ٍد مثلي ،يتعامل
نفسه .رفضوا جمي ًعا أن أظل في شقتي ،قالوا كيف معي بهذه النشوة ،وهذا الانسجام ،من غير أن
لامرأ ٍة متزوجة أن تعيش بمفردها وزوجها غائب؟! أشعر بوخز شعيرات ذق ٍن نابت ٍة للت ِّو ،من غير وت ٍد
وافقتهم رغ ًما عني ،وأنا أتساءل ع َّما يضيرهم في ينغرس داخلي ويهزني بقوة؟!
أن أعيش بمفردي وعلى حريتي؟! أرقبها بعي ٍن شاخصة وهي ترتدي ملابسها،
وتهندم نفسها سري ًعا ،قبل أن تباغتنا طرقات
وعد ُت إلى بيت أبي لأجد كل َمن في البيت ،بل الباب الذي أحكمنا إغلاقه فلا يفتح؛ فهذه الطرقات
العائلة بأكملها ،يع ُّدون عليَّ أنفاسي ،لا تخرجي.. تجبرنا على الانتباه والخروج من المتعة .لم نستغرق
لا تكلمي هذا ..لا ترتدي هذا ..كل َمن حولي تح َّول وقتًا طوي ًل اليوم ،لم نكن نريد أن نمارس هنا في
إلى أعي ٍن ترقبني وتنقدني .فكرت في العمل ،وأن بيت أبي ،نف ِّضل بيتها أو شقتي ،لك َّن الكلام الفاجر
أعود لأعمل في الجمعيات الأهلية التي كنت أمتهنها أل َه َبنا ،والهمس والتحسيس أشعل الرغبة ..وانتهينا،
قبل الزواج .رف َض أخى ..لماذا؟ لا توجد إجابة.. واتفقنا على أن نع ِّوض هذه السرعة المحاطة
فقط رفض! وهكذا كلما هممت بفعل شىء قوبل بالخوف .لكن لا شك أننا استمتعنا ،فالخوف
بالرفض وقيل لي لا يصلح ،أن ِت امرأ ٌة متزوجة،
وزوجك في الغربة .تعبت من النقاش ومن الرفض، يضاعف المتعة ،ويؤجج نار الرغبة.
ومن الأسئلة التى لا أجد لها إجابات ،تعبت وبقيت طرق الباب ..فتح ْت هي ،دخل ْت بنت أخي ،طفلة في
الثالثةَ ،حم َلتها وداع َبتها ،وقبَّل ْت شفتيها ،ونظرت
في البيت ،بين بيت أبي وشقة أخي ،وشقتي
التي أذهب لتنظيفها كل فترة .لا أخرج سوى في إل َّي وهي تقول:
-شفايفك لذيذة كع َّمتك.
المناسبات مع العائلة .انتهى شغفي لكل شيء، نظر ُت إليها بغضب ،تركت الطفلة ،وقالت:
ولأي شيء ،انتهى الفضول لمعرفة آخر صيحات
الموضة والمكياج ،وأحدث وصفات الطبخ ،انتهت -أنا أمزح.
تركتني لأكمل يومي الذي عاد ًة أقضيه في حجرتي
أحاديث زوجة أخي ،وانتهت متعة اللعب مع بين أربعة جدران ،أح ِّدث زوجى مرة على الهاتف،
الصغار .انتهى كل هذا و َظل التحكم والكبت ،ظلت ومرة على الإنترنت .زوجي مسافر إلى بل ٍد عربي،
الجدران تحيطني ،جدران هشة تتهاوى يو ًما بعد
منذ ثلاث سنوات ،منذ زواجنا .ستة أشهر هي
يوم على روحي وحياتي.
هربت من العالم الحقيقي إلى العالم الافتراضي،