Page 266 - m
P. 266

‫العـدد ‪57‬‬                                     ‫‪264‬‬

                                                                                          ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫«شارع بن يهودا»‪..‬‬

  ‫حين تنفتح المروية‬
                                                                 ‫دينا الح َّمامي‬

‫على كنز من التأويلات‬

     ‫معاناة وطن دفع أبناؤه ثمن‬          ‫يبدو العربي مفصو ًل عما تجذر‬         ‫يولد المرء في عالمنا العربي‬
‫رعونة حاكميهم وعنجهيتهم أكثر‬            ‫بدواخله منذ نعومة أظافره حتى‬
                                         ‫لو طاف العالم بقعة بقعة‪ ،‬تظل‬     ‫مح َّم ًل بمجموعة من الأفكار التي‬
    ‫مما كبدتهم أخطاؤهم العادية‬          ‫ذاكرته الأولى محفورة بشكل أو‬        ‫تلاصق دماغه فتدمغه بختمها‬
    ‫كبشر يصيبون أحيا ًنا وكثي ًرا‬        ‫بآخر بوجدانه تطل عليه كشبح‬           ‫حتى تصبح الأفكار قناعات؛‬
 ‫ما يخطئون‪ ،‬تبدأ سيرة آل غالب‬           ‫يخرج من شباك الذكرى‪ ،‬لا نفتأ‬        ‫والقناعات تتحول إلى معتقدات‬
   ‫فور انتهاء الإهداء‪ ،‬فمن خلال‬        ‫نتخلص منه برحيلنا عن أوطاننا‪،‬‬       ‫تقدم نفسها كحقيقة وما دونها‬
 ‫مقدمة تقل عن أربعة أسطر يذكر‬          ‫حتى نستدعيه بصورة أو بأخرى‬
   ‫بهم الكاتب أن شارع بن يهودا‬                                            ‫الباطل‪ ،‬تتجاوز هذه المعتنقات في‬
    ‫(عنوان العمل) وأحد مسارح‬                        ‫ك ُمعين على الغربة‪.‬‬   ‫رؤيتها الدين والعادات المجتمعية‬
     ‫أحداثه ظل خفيًّا في الشوارع‬            ‫لا تنفصل سيرة عائلة غالب‬       ‫إلى رؤية محدودة للعالم تضيق‬
‫العديدة التي جرت بها أحداث هذه‬             ‫التي نحن بصددها اليوم عن‬
   ‫الرواية مشي ًرا إلى أن يكفيه ألمًا‬       ‫هم المواطن العربي الموشوم‬           ‫كلما تشرب الإنسان بهذه‬
 ‫أن يحكي بعض ما جرى ومؤك ًدا‬               ‫بالذاكرة؛ وإن أحسنَّا التعبير‬  ‫المعتنقات وبمرور الزمان وتوالي‬
    ‫أن لديه الكثير ليقوله؛ يستهل‬           ‫فهي تعد أنموذ ًجا على سيرة‬     ‫نوائبه‪ ،‬لا يجد الإنسان في شرقنا‬
‫الكاتب الرواية بمشهد من حاضر‬            ‫وطن تمتد عرضيًّا عبر أكثر من‬      ‫العربي معتص ًما سوى بالتحصن‬
‫البطل المحوري للعمل «علي حسن‬             ‫‪ 70‬عا ًما خلال ثلاثة أجيال من‬    ‫بما تضمخت به ذاكرته من عبير‬
‫غالب» بشرفته في الغرفة الفندقية‬        ‫أسرة واحدة شاء قدرها أن تمثل‬
                                                                             ‫سير تخص حيوات لأناس قد‬
                                                                              ‫عبروا إلى الشاطئ الآخر من‬
                                                                              ‫الحياة قبل مولده بأعمار؛ لا‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271