Page 263 - m
P. 263
261 ثقافات وفنون
حوار
وقد لا تأتي ،وهذا مرتهن بطعم من كتاب الغيات 1
السنارة ،وطريقة إعدادها،
وجوع السمكة ،وحركة
الخيط ،ورعشة يد الصيَّاد
ونبضه ،وانعكاس الشمس
في أعماق المياه ،وأخي ًرا بقدر
ذات السمكة ..القصيدة سمكة
في الأعماق غير مرئية ،إنما
متوفرة ومعطاة بالمجان..
ولكن حين تظهر ،يلمع ظهرها
الفضي ،وهي تعاند الخيط
وتقفز عاليًا وتغوص تحاول
النجاة ،ثم تخرج من المياه متعبة
مستسلمة ،تنام على الساحل
تلفظ آخر أنفاسها وينطفئ
النور في عينيها ،وتعلن عن
نهايتها الأبدية ..آنذاك تتحول
إلى قصيدة من مذاق آخر.
لا ب َّد للمبدع المكرس لعملية
الخلق أدوات خاصة به ،تتشكل
وتشحذ مع الخبرة والتمرين،
ينحت بها هياكله بمعزل عن
الآخرين في صومعته ..لا ب َّد إذن
من لمسة تميزه ،من روح تكمن
في أعماله ،وهناك أرواح ف َّعالة
مضيئة كما أن هناك أروا ًحا
خاملة مطفأة ..كلها تعلن عن
ذاتها بصيغة أو بأخرى.
الكل يتحدث عن ضرورة
الصدق كونه حاجة أساسية
فيما يفعله المبدع ،وأعتقد أن
الصدق من نافلة الحياة سواء
في عملية الخلق أو غيرها ،فهو
معطى متوفر ضمنا في ضمير
الإنسان في أي فعل ،ومن غير
فعل ..إذن علينا أن نبحث عن
ضرورات أخرى يخترعها المبدع
بنفسه تميزه عن غيره!
الكل يتشدق بقصيدة لم تكتب