Page 264 - m
P. 264

‫أشم رائحة رأسمالية في طيات‬                                ‫العـدد ‪57‬‬                          ‫‪262‬‬
  ‫الموضوع‪ ..‬ظهرت ملامح من‬
                                                                         ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬      ‫بعد‪ ،‬ويد ِّبج صو ًرا ويجترح‬
    ‫هذا القبيل في بعض البلدان‬                                                              ‫حالات ما أنزل الله بها من‬
       ‫العربية تماشيًا مع نزعة‬         ‫السلفية التي أعادت الحياة‬                          ‫سلطان‪ ،‬ويك ِّسر ويبني‪ ،‬وفي‬
                                    ‫للموتى ليجثموا من جدي ٍد على‬                          ‫آخر المطاف ينتهي معل ًقا ما‬
‫العولمة السائدة‪ ،‬فأنتجت جوائز‬     ‫صدور وعقول الناس‪ ..‬أنصحك‬                                ‫بين القصيدة الحلم المرتجاة‬
‫وجمهو ًرا وقرا ًء إلى جانب رقابة‬                                                           ‫والقصيدة الدارجة المتوفرة‬
                                      ‫بالمقارنة بين ميزانية وزارة‬                     ‫لديه‪ ..‬فلدى الشعراء كلهم آلاف‬
 ‫غبية ودكتاتوريات‪ ..‬الحضارة‬        ‫الأوقاف ووزارة الثقافة في أي‬                        ‫القصائد مخبأة في أقلامهم من‬
                     ‫ونقيضها‪.‬‬     ‫بل ٍد عربي تشائين! ولا أنصحك‬                           ‫هذا القبيل‪ ..‬ولكن أية قصيدة‬
                                                                                          ‫تتسلل خلسة وتغني وحدها‬
   ‫نختتم بسؤال عن المرأة‪ ،‬ماذا‬       ‫بالاقتراب من ميزانية وزارة‬                          ‫بعي ًدا عن الشاعر الذي يجهد‬
      ‫تعني المرأة ليحيى الشيخ‪،‬‬                   ‫الداخلية والأمن‪.‬‬                          ‫نفسه في البحث في الفراغ؟‬
    ‫وكيف صورتها في كتاباتك‬                                                                ‫في هذا السياق أتذكر وصايا‬
                     ‫ولوحاتك؟‬          ‫يقول وليم غاس «إذا كنت‬
                                  ‫تكتب بشكل رديء سيصبح لك‬                                                        ‫أبي‪:‬‬
                                                                                         ‫(يا ولدي‪ ،‬كن متواض ًعا مثل‬
                                    ‫جمهور‪ ،‬إذا كنت تكتب بشكل‬                            ‫بئر‪ ،‬ينحني عليك الناس طم ًعا‬
                                     ‫جيد سيصبح لك قراء»‪ ..‬هل‬
                                  ‫تتفق معه؟ وهل القراء هنا تعني‬                                    ‫بقطرة من أعماقك!‬
                                                                                            ‫في الواقع‪ ،‬أنت تنقش على‬
                                                  ‫النخبة أم ماذا؟‬                        ‫الورق‪ ،‬أما في الحقيقة‪ ،‬فأنت‬
                                                                                           ‫تحفر في روحك‪ ،‬وما يظهر‬
                                         ‫ليس من الصواب اعتماد‬                          ‫أمامك كان حبي ًسا فيك‪ ،‬فأطلق‬
                                      ‫وجهات نظر كتاب أوربيين‪،‬‬                                ‫سراحه وحرر نفسك من‬
                                    ‫واستخدام معاييرهم وتطبيق‬
                                    ‫مقولاتهم على الكاتب العربي!‬                                             ‫عبيدك!)‪.‬‬
                                    ‫الأوربيون لديهم سوق كتَّاب‪،‬‬
                                                                                         ‫هل ترى أن الشعر مظلوم في‬
                                            ‫وسوق للكتاب‪ ،‬لديهم‬                          ‫العالم العربي من حيث ابتعاد‬
                                             ‫ماكينة تسويق ترفع‬                        ‫الجوائز عنه‪ ،‬وتراجع مقروئيته؟‬

                                               ‫وتخفض‪ ،‬بورصة‬                                   ‫أرى غير ذلك‪ ،‬فالشعراء‬
                                         ‫«إبداع» لديها القدرة على‬                        ‫يطيرون من بل ٍد إلى أخر أكثر‬

                                            ‫صناعة كاتب وكتاب‪،‬‬                                ‫من مضيفات الطيران في‬
                                              ‫وهذا ينتج جمهو ًرا‬                            ‫الخطوط الجوية‪ ،‬تنتظرهم‬
                                              ‫وقراء كما تنتج أية‬                        ‫مهرجانات وجوائز وإكراميات‬
                                                ‫بضاعة رأسمالية‬                          ‫وندوات‪ ،‬وشراء ذمم وبيعها‪..‬‬
                                                       ‫جمهورها‬                            ‫أما (تراجع مقروئيته)‪ ،‬فهذا‬
                                                   ‫وداعميها‪ ..‬كل‬                       ‫يتعلق بانحسار دور الثقافة في‬
                                                    ‫هذا يوجد في‬                        ‫المجتمع‪ ،‬بالفقر الذي استشرى‬
                                                  ‫سوق مسؤولة‬                                ‫حيث لا يجد الإنسان لقمة‬
                                                   ‫عن تنظيم هذا‬                        ‫خبز تسد الرمق‪ ،‬فعن أي شعر‬
                                                 ‫الاقتصاد‪ :‬كاتب‬                         ‫نتحدث‪ ،‬وأي قارئ؟ والنزعات‬
                                                ‫جيد‪ ،‬يقابله كاتب‬
                                             ‫سيئ‪ ،‬جهور واسع‪،‬‬
                                                 ‫يقابله في الميزان‬
                                                           ‫قارئ‬
                                                        ‫نخبوي‪..‬‬
   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269