Page 58 - التصحيح الأخير لملخص تاريخ بني صالح (2)
P. 58
٥٨
فقط هي مسقطات النسبة الإدریسیة للشرفاء المحاجیب بل إن هذه السلاسل لا وجود لها في
الكتب المختصة في مشجرات الأدارسة ولم یرد ذكر لاسم المحاجیب ضمن الشجرة الإدریسیة
في أي مصدر معتمد رغم كون الشریف إسماعیل المحجوب قدم إلى تونس من فاس ومثله عمر
الباز قدم إلى توات من فاس ،ومدینة فاس مهد الأدارسة ومستقرهم ومكمن حفظ أنسابهم
وتراثهم وفیها رابطتهم ومع ذلك لا یعرفون إدریسیا واحدا باسم المحجوب ،هذا فضلا عن
العیوب المتعلقة بهذه السلاسل فبعضها یطول عن الحد المسموح به لعدد الآباء بعشرین أبا ،
وبعضها 13أبا وبعضها یقصر أیضا بعشرین أبا عن الحد المسموح به.
للعودة إلى شرفاء بغداد من الحسنیین والحسینیین ،نقول إن النسبة الحسینیة للمحاجیب مثل
النسبة الإدریسیة لا تصح ولا تستقیم ذلك أن كتب الأنساب والتاریخ والتراجم التي ذكرنا بعضها
إختصارا لا یوجد فیها عمود نسب إلى الحسین رضي الله عنه باسم ( شعیب بن إدریس بن
موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زین العابدین بن الحسین رضي الله
عنه ) .فلیس في أبناء ولا احفاد موسى الكاظم ( :شعیب بن إدریس بن موسى الكاظم ) ،وأما
النسبة المحجوبیة إلى موسى الجون بن عبدالله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط
رضي الله عنه والمنقولة في القرن الثامن عن العالم محمد بن مسلم الدیسفي التنبكتي فإن
المصادر والمراجع تدعمها وتؤیدها وذلك ویعضدها الزمان والمكان ،أما من حیث الزمان فإن
عبدالله الشریف بن هذیم بن مسلم بن زید بن أبي الضحاك عبدالله بن الحسن الشهید بن عبدالله
الشهید بن محمد الشاعر الشهید بن صالح الجوال بن موسى الجون وصل إلى مملكة غانة التي
تخضع لها مدینة ولاتة في القرن الخامس الهجري ومعاصر للشیخ عبدالقادر الجیلاني حیث
توفي رحمه الله عام 4٨0هجري الموافق 10٨٧م بعد ولادة الشیخ عبدالقادر الجیلاني رحمه
الله بعشر سنوات وبما أن الجیلاني عاش ٩1عاما فإن ثلاثة من أبناء عبدالله الشریف وأحفاده
عاصروا الجیلاني وتوجد قرابة نسب بینهما فهما أبناء عم على حسب الروایات التي تنسب
الجیلاني إلى موسى الثاني شقیق صالح جد بني صالح شرفاء كمبي صالح ملوك غانة ومالي
من بلاد السودان ،وأما من حیث المكان فإن ولاتة كانت خاضعة وتابعة لحكم بني صالح أبناء
موسى الجون ،وأما من حیث المراجع والمصادر فإن هناك عدة مصادر تذكر أن الشیخ
إسماعیل شیخ أهل كمبي صالح قد وصل إلى ولاتة قادما إلیها من كمبي صالح مع جماعة من
أهله من بینهم الشریف یحي الكامل المحجوب وسكان كمبي صالح بعد إضطراب الأوضاع
الأمنیة والسیاسیة في مملكة غانة ،ولكنه لم یستقر بها مما یفسر ذهابه إلى االحج رفقة حجاج
غانة وسیأتي بیان ذلك في محله إن شاء الله تعالى بحول الله وقوته ،و لا یتنافى هذا مع عودة
یحي الكامل المحجوب وبنیه من الحج إلى توات ورجوع یحي مع ابنه محمد إلى ولاتة مخلفا
وراءه في توات حفیده أبو الحسن علي بن محمد بن یحي الكامل جد الشرفاء المحاجیب في
الجزائر ،ثم هجرة إسماعیل المحجوب وبنیه من توات إلى فاس ومن فاس إلى تونس ولیبیا
كل هذه المعطیات قابلة للتوفیق بینها ودفع التعارض والتناقض ،وأما الأسباب الدافعة التي أدت
إلى هجرة بني صالح أجداد المحاجیب من مكة المكرمة في الحجاز إلى العراق مرورا بالشام
فالمغرب وصولا إلى كمبي صالح وولاتة في القرن الخامس الهجري فهي الطرد والتشرید من
قبل الخلفاء العباسیین فقد خرج صالح الجوال على الخلیفة المأمون في خراسان وتم سجنه