Page 60 - التصحيح الأخير لملخص تاريخ بني صالح (2)
P. 60

‫‪٦0‬‬

‫بدلیل أنهم نقلوا عاصمتهم من ضفة نهر النیجر إلى كومبي صالح التي أسسها الأدارسة وجعلوا‬
                     ‫منها عاصمة سیاسیة لهم وهي في منطقة خصبة غرب نهر النیجر ‪......‬‬

    ‫وإذا حاولنا أن نجد عند أدارسة المغرب اهتماما بالسودان وما كان یجري فیه بعد تقلد أبناء‬
‫عمومتهم الزعامة السیاسیة فإننا لا نعثر على إشارات متباعدة وغیر مضبوطة عن اتجاه بعض‬

        ‫الدعاة المتطوعین إلى تلك الجهات لنشر الإسلام والدعوة إلى عقیدته‪" ،‬فرسالة المغرب‬
 ‫الإفریقیة قد تبلورت آنذاك في إشعاع بلغ تخوم النیجر ولعله كان من المثیر تاریخیا لو در أن‬

   ‫یحصل احتكاكا أو اتصالا واسعا وقع بین الدولتین الإردیسیتین‪ .‬ولكن ذلك لم یحدث إلا على‬
   ‫نطاق لا یمكن اعتباره‪ ،‬ویبدو أن حسن النیة ونبل المقاصد كان متوفرا للجهتین معا ولكن لم‬
    ‫یترجم إلى شيء ملموس بالنظر لبعد‪ ،‬الشقة وانشغال كل من الطرفین بما یقع داخل حدوده‪،‬‬

     ‫وفي الوسع التصور بأن حسن النیة ذلك قد ترجم على عمل مثمر وغیر مباشر‪ ،‬وتمثل في‬
    ‫أعمار المدن التي كانت تمر بها القوافل نحو السودان والمغرب بل وبناء مدینة بكاملها لهذا‬
     ‫الغرض هي مدینة تمدلت بسوس وتنصیب أحد الأمراء الأدارسة عاملا علیها‪ ،‬وازدهرت‬

                                                        ‫سجلماسة وكولیمین في ذلك الوقت‪.‬‬

 ‫وما كادت الدولة الإدریسیة في المغرب تفقد قوتها‪ ،‬وتترك البلاد في ید حكام وثوار هنا وهناك‬
‫حتى عاجلت قوات الزناتیین الذین استقلوا بجهات المغرب الجنوبیة الشرقیة وضموا سجلماسة‪،‬‬

        ‫ببلاد السودان بضربات متلاحقة فیما بین ‪ ٩32‬و ‪ ٩33‬وكانوا یلقون العون من برابرة‬
           ‫اودغوشت الذین أفلتت السلطة من أیدیهم منذ مجیئ الشرفاء الأدارسة إلى السودان‪.‬‬

                                 ‫وفي الهامش رقم (‪ )٩‬علق الدكتور محمد الغربي بمایلي ‪:‬‬

‫‪ )٩‬ابن خلدون – مجلد ‪/4‬ص ‪ ،221‬كان موسى الجوف بن عبد الله بن حسن المثنى ثائرا على‬
 ‫أبي جعفر المنصور‪ ،‬وذاق هو وأبناء عمومته أدارسة المغرب والأندلس والیمامة الأمرین في‬
  ‫بلاد الحجاز‪ ،‬وبعد موت موسى تولى ابنه إسماعیل إشعال الثورة في غرب الجزیرة العربیة‪،‬‬
  ‫ونصب نفسه ملكا على مكة والحجاز والیمامة‪ ،‬ثم تولى أخوه محمد أخیضر‪ ،‬وهو الذي بعث‬
‫حفیده‪ ،‬صالحا بن یوسف إلى السودان لإقامة ملك بها‪ ،‬وابن خلدون یجعل صاحبا ابنا لموسي أو‬
‫لعبد الله بن موسى تبعا للروایات التي اعتمدها في كتابه (انظر ابن خلدون ‪ 4‬ص ‪ .)24٥‬إنتهى‬

                                                    ‫الشاهد مما كتبه الدكتور محمد الغربي‪.‬‬

   ‫وحول الخلط الذي یقع فیه غیر المحققین بنسبته بني صالح ملوك غانة إلى الحسینیین أو بني‬
     ‫عمهم إدریس بن عبدالله الكامل بن الحسن المثنى‪ :‬یضیف الدكتور حماه الله ولد السالم في‬

‫الصفحة ‪ 14٩‬من كتابه ‪ ( :‬جمهوریة الرمال)‪.‬هذا النص ‪ :‬أما عاصمة مملكة غانة فكانت بعیدا‬
  ‫‪ ،‬داحل غرب عقفة نهر النیجر حول غابات تسمى "وغد " تقع ضمن مالي حالیا ‪ ،‬بینما ظلت‬

‫مدینة (كمبي صالح ) تحریف ( قبة صالح) عاصمة لدولة الشرفاء من بني صالح الأخیضري ‪،‬‬
   ‫وكان لها ولاء أوصلات مع ملوك غانة‪ ،‬ما أوقع المؤرخین في لبس كبیر جعلهم یعتقدون أن‬
       ‫لملوك غانة نسبا إدریسیا أو للحسینیین ملكا في غانة والمقصود تلك الحاضرة لا غیرها‪.‬‬

‫ثانیا ‪ :‬شهرة النسب الإدریسي بحكم أن الأدارسة ملكوا المغرب فكان التدوین عن سیرتهم كثیرا‬
      ‫ومستفیضا لكثرة النسابین والمؤرخین في المغرب على عكس بلاد السودان غانة فلم یكن‬
   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65