Page 90 - merit 50
P. 90

‫العـدد ‪50‬‬        ‫‪88‬‬

                                                    ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬  ‫الطيب خالدي‬

                                                                          ‫(الجزائر)‬

‫السرد المتواطئ مع الحكاية‬
          ‫في ست زوايا للصلاة‬

   ‫إذ نلاحظ أن العمل القصصي يستحضر الواقع‬                       ‫بيت الحكايات‬                          ‫تسافر‬
 ‫بتيار السرد‪ ،‬والخيال عن طريق استحضار عوالم‬
  ‫خيالية تنبض بالحياة فتجعل القارئ يريد البحث‬       ‫بنا النصوص نحو عوالم تختزل الحكايات‬
‫عن هذا القالب الخيالي الذي يحرك العملية السردية‬        ‫التي تأهل العالم‪ ،‬فتدعونا إلى المشاركة‬

                          ‫فيدفع بها نحو الأمام‪.‬‬      ‫في فعاليات الحكايات‪ /‬العوالم التي تضم‬
    ‫ربما يحيلنا الحديث إلى القول بأن عوالم البشر‬    ‫قط ًعا متنوعة تتحد فيما بينها لتشكل بنية‬
  ‫مبنية على العجائب وعلى أسطرة الأشياء وجعلها‬       ‫نصية مثيرة لا تلبث أن تتحول إلى ذاكرة‬
   ‫قوالب تقتحم الخيال لتصنع منه عجينة تتشكل‬
                                                        ‫تشمل التاريخ والجغرافيا والميتافريقا‬
      ‫بمقاسات مختلفة‪ ،‬فالإنسان دائما يحاول أن‬        ‫المتمترسة بينهما‪ ،‬ذاكرة سوف تستدرج‬
   ‫يربط كل ما يحيط به بعالم الأسطورة‪ ،‬أو حتى‬         ‫القارئ دو ًما صوب البحث عن جوهر الحياة (تراه‬
  ‫عند تذكره لمختلف الحكايات يربطها بهذه العوالم‬
  ‫الخيالية‪ ،‬ربما طبيعة البناء العام للفكر الإنساني‬         ‫أي ًضا جوهر الحكاية وبعض من عرضها؟)‪.‬‬
   ‫مبني على إتقان السرد الذي يلتف حوله الحكي‪،‬‬         ‫النصوص التي تتلو الأحاديث والحكايات بألسنة‬
 ‫فلهذا نجد الإنسان يسعى إلى مثل هذه النصوص‪،‬‬
 ‫ويتوق إلى الدخول في عوالمها‪ ،‬ومن هنا نقول بأن‬            ‫متعددة تكون جذابة دو ًما وتمضي على عقود‬
    ‫المجموعة القصصية «ست زوايا للصلاة» عالم‬            ‫الخلود‪ ،‬هي تفتح أف ًقا يجعل القارئ يحاول دو ًما‬
 ‫أسطوري استطاعت القا َّصة من خلاله الذهاب بنا‬       ‫البحث عن الميكانيزمات الخفية والضرورية اللازمة‬
‫في قارب مصري على نهر أسطوري قد يكون النيل‬             ‫للدخول إلى عوالم الحكايات‪ ،‬فكلما ربطت ذاكرتي‬
‫المتخيل‪ ،‬أو نهر ستيكس الذي في الإنيادة وفي رحلة‬     ‫بنصوص أخرى كلما تذكرت أن مفعولها الأساسي‬
  ‫دانتي أليغيري‪ ..‬نهر يشبه الكتابة تما ًما‪ :‬مشتعل‬
                                                                                 ‫قائم على الحكايات‪.‬‬
                                    ‫ولا يحرق‪..‬‬         ‫إذن الحكاية زمرة من السرد قوامها الهيمنة على‬
    ‫لقد تجولت بنا الكاتبة في مدن وأرياف باذخة؛‬
                                                          ‫الحيثيات وبسط في طريقة الكلام‪ ،‬والمجموعة‬
                                                     ‫القصصية المعنونة بست زوايا للصلاة عالمها مبني‬
                                                     ‫على ثنائية الواقع والخيال‪ ،‬الأسطوري والعجائبي‪.‬‬
   85   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95