Page 94 - merit 50
P. 94
الإسقاط العام الذي تثيره هذه
المجموعة القصصية هي تصوير
العالم الذي يحيط بالعقلية العربية،
فيجعلها لا تدرك حقيقة الأشياء إلا
وراء كل ما هو غير طبيعي ،ذلك لأن
الأشياء الطبيعية مشكوك في أمرها
فهي عرضة للكذب ،وعدم التصديق،
في حين أن كل ما هو غريب وغير
واقعي جدير بالانتباه ولفت النظر،
ربما هنا تحاول القاصة أن تقول
شي ًئا ،لكنها عاجزة عن ذلك
ثنائية الأسطوري والخرافي ،فستكون هذه الغرف نتأمل قول أميرة بدوي« :سارت وسط أشجار
حمالة أوجه ظاهرها الحكي وباطنها تعدد الثقافات الكافور والبوص المتناثرة على جسر الكعكة،
وطريقة تنظيم الحياة وفق معايير مبنية على خطى تمسك بحبل يشنق حمارها ،وفي يدها رضيع
أسطورية عجائبية. ملفوف كأوراق الكرنب .ظلها يتحسس البيوت
والأخصاص ،يتخطى النهر المردوم ،يتموج مع
موطن الحكايات
الجسر رغم ظلمات الساقية »..ص.81
استثمرت القاصة عوالم الأسطورة والمخيال تشير القا َّصة إلى واقع الغولة في هذا المجتمع،
العربي في بناء مجموعتها القصصية والتي عمدت حين تجعل من كل الأشياء قفازة في يد الغولة،
هنا نلاحظ أن هذه الفكرة مؤنثة للعقول وسارية
من خلالها إلى توظيف الموروث بشتى أنواعه، المفعول في مثل هذه المجتمعات ،فالتيمة الغالبة
إذ صورت لنا المجتمع المصري الذي يؤمن بمثل وسط هذا المجتمع هو الإيمان العميق بالقدرات
هذه الحكايات ،فيضحي من أجلها ويجعلها قوام
الحياة ،فلا غرابة أن نقول بأن القاصة أميرة بدوي الخارقة التي تسير وفق قدرات ميتافيزقية،
استطاعت بناء مجموعة قصصية مستوحاة من تشكلت وفق قوالب مختلفة وطغت على التفكير
واقع غلب عليه الطابع الخرافي الذي استحوذ على العام ،سنقول بأن جوهر الحكاية هو تصوير
جل تفكيره ،ولعل هذا التشبع بالموروث القديم
راجع إلى طبيعة المجتمع من جهة وطريقة تفكيره بانورامي لما هو مهيمن على الواقع ،فأضحى
من جهة أخرى ،ولأن المرويات جعلت من نفسها سبي ًل لمعرفة الحقيقة التي تختزل داخل حكايات
مختلفة ،ولربما ستكون هذه الحكايات هي نفسها
ميثا ًقا صال ًحا لكل الأزمة ،فطغت على الشعب، طريقة التفكير ،لأنهما وجهتان لعملية واحدة ،فمتى
وجعلت من مقوماتها مبدأً أساسيًّا في الحياة. سيطر التفكير الأسطوري في تقديسه لكل ما هو
غير طبيعي إلا وعكس لنا ميلاد حياة مبنية على