Page 99 - merit 50
P. 99

‫تجديد الخطاب ‪9 7‬‬

‫اقطعوا يده المخدجة‪ ،‬وآتوني بها‪،‬‬       ‫بالليل‪ ،‬وقد كنت كسوته برن ًسا‬       ‫زمنيًّا لنفس الفترة‪ ،‬وهو «تاريخ‬
    ‫فلما أتي بها أخذها ثم رفعها‪،‬‬     ‫فلقيته من الغد‪ ،‬فسألته‪ :‬هل كان‬          ‫الأمم والملوك» للإمام العلامة‬
                                     ‫خرج مع الناس الذين خرجوا إلى‬              ‫«أبي جعفر محمد بن جرير‬
 ‫وقال‪ :‬والله ما كذبت ولا ُكذبت»‪.‬‬                                            ‫الطبري» (توفي سنة ‪310‬هـ)‪،‬‬
 ‫لا يلحق بخبر «المخدج» كما ورد‬         ‫حروراء (مع الخوارج)؟ فقال‪:‬‬             ‫ربما يجعلنا نضع أيدينا على‬
                                    ‫خرجت أريدهم حتى إذا بلغت إلى‬             ‫واحدة من الحفريات الواقعية‬
   ‫بتمامه في مدونة «الطبري» أي‬      ‫بني سعد‪ ،‬لقيتني صبيان فنزعوا‬
‫ظلال تنأى بشخصية «نافع» عن‬                                                ‫الأولى لشخصية المخدج‪ ،‬وتمكننا‬
                                       ‫سلاحي‪ ،‬وتلعبوا بي‪ ،‬فرجعت‬             ‫من التأريخ للمراحل الأولى من‬
   ‫واقعه‪ ،‬فهو رجل يتسم بعلامة‬           ‫حتى إذا كان الحول أو نحوه‬                ‫انطلاق تطورها الخرافي‪.‬‬
‫تشوه في عضده أو ذراعه اللحمية‬        ‫خرج أهل النهر (يقصد النهروان‬         ‫في تاريخ الإمام «الطبري» تظهر‬
                                      ‫وهم الخوارج أي ًضا) وسار عل ٌّي‬      ‫الشخصية في ثنايا خبر مطول‪،‬‬
    ‫المدلاة كما لو كانت بلا عظم‪،‬‬         ‫إليهم‪ ،‬فلم أخرج معه وخرج‬          ‫لمرة وحيدة وبشكل عابر تما ًما‪.‬‬
   ‫وهو معنى أنه «مخدج»‪ .‬يشير‬         ‫أخي أبو عبد الله‪ .‬قال‪ :‬فأخبرني‬
 ‫إليه الخليفة «عل ٌّي بن أبي طالب»‬     ‫أبو عبد الله أن عليًّا سار إليهم‬  ‫في الخبر الذي ينقله «الطبري» عن‬
  ‫بصفته المعروفة كمؤيد لجماعة‬         ‫حتى إذا كان بحذاءهم على شط‬         ‫«عمارة الأسدي» يقول على لسان‬
   ‫الخوارج‪ ،‬ويبحث أصحابه عن‬           ‫النهروان أرسل إليهم يناشدهم‬
‫جثته بين القتلى ويبشروه بنهايته‬         ‫الله ويأمرهم أن يرجعوا‪ ،‬فلم‬                           ‫«أبومريم»‪:‬‬
                                       ‫تزل رسله تختلف إليهم‪ ،‬حتى‬               ‫“وكان عل ٌّي يحدثنا قبل ذلك‬
     ‫بطريقة لا تخرج بالخبر عن‬       ‫قتلوا رسوله‪ ،‬فلما رأى ذلك نهض‬           ‫أن قو ًما يخرجون من الإسلام‬
    ‫سرده الواقعي بشكل يحسم‬          ‫إليهم فقاتلهم حتى فرغ منهم‪ ،‬ثم‬            ‫يمرقون من الدين كما يمرق‬
 ‫كونه دلي ًل من دلائل الإعجاز أو‬     ‫أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج‪،‬‬        ‫السهم من الرمية‪ ،‬علامتهم رجل‬
                                         ‫فالتمسوه‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬ما‬           ‫مخدج اليد‪ .‬قال‪ :‬وسمعت ذلك‬
             ‫نبأ من أنباء الغيب‪.‬‬      ‫نجده‪ .‬حتى قال بعضهم‪ :‬لا‪ ،‬ما‬           ‫منه مرا ًرا كثيرة‪ .‬قال‪ :‬وسمعه‬
 ‫الإمام «عل ٌّي” كان يعرف بطبيعة‬    ‫هو فيهم‪ .‬ثم إنه جاء رجل فب َّشره‬      ‫«نافع المخدج» أي ًضا‪ ،‬حتى رأيته‬
                                    ‫وقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬قد وجدته‬      ‫يتكره طعامه من كثرة ما سمعه‬
       ‫الحال ‪-‬مثل غيره من أهل‬           ‫تحت قتيلين في ساقية‪ .‬فقال‪:‬‬         ‫يقول‪ ،‬وكان «نافع» معنا يصلي‬
‫زمنه‪ -‬الكثير من سير وشخوص‬                                                    ‫في المسجد بالنهار ويبيت فيه‬

  ‫الخوارج وجماعاتهم التي بدأت‬
     ‫في التشكل منذ عهد الخليفة‬

   ‫الثاني «عمر بن الخطاب»‪ ،‬وقد‬
‫مثَّل حكمه مع حكم الخليفة الأول‬

 ‫«أبو بكر» طري ًقا سياسيًّا للحكم‬
   ‫ينأى عن سياق الصراع القبلي‬

     ‫الموروث بين فروع السيادة‬
      ‫القبلية في قريش التي مثلها‬
     ‫الأمويون والهاشميون‪ .‬وقد‬
 ‫تلقب الخوارج في ميادين الفتوح‬
   ‫(الجهادية) خلال حكم «عمر»‬
   ‫بلقب ال ُق َّراء‪ ،‬وهم من انتشرت‬
  ‫جماعاتهم في الأمصار فيما بعد‬
 ‫على عهد الخليفة الثالث «عثمان»‬
    ‫‪-‬وشاركوا في وقائع حصاره‬
   ‫ومقتله‪ -‬متمددين عبر ولايات‬
    ‫الدولة العربية المتوسعة‪« .‬أبو‬
  ‫مريم» الراوي عن «عليٍّ” يعرف‬
   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104