Page 102 - merit 50
P. 102
العـدد 50 100
فبراير ٢٠٢3 «قتل عل ٌّي بن أبي طالب شيطان
الردهة»! ويذكر «البيهقي» في
هو الالتزام الذي أوجزه شعارهم للعثور على جثمان الخارجي «دلائل الخيرات» خب ًرا آخر
الأكثر محورية وشمولية« :تحكيم المقتول لغرض ديني سياسي
غريبًا عن «عائشة» جاء فيه أنها
كتاب الله» .وبدا ذلك في نظر هو إدانة الخوارج بالبرهان سألت «مسروق»« :عندك علم
أهل زمنهم توج ًها تقو ًّيا وإيمانيًّا النصي ومن طريق الوحي عن ذي الثدية الذي أصابه عل ٌّي
والإعجاز النبوي .متجهين بذلك في الحرورية؟ قال :لا .قالت:
يعكس تمس ًكا أصوليًّا حرفيًّا لإشباع حاجة لدى أهل زمانهم فاكتب لي بشهادة من شهدهم.
بنصوص القرآن .ورغم أن ومن تلاهم ،هي الحاجة للشفاء
تحكيم القرآن مطلب مستحيل في من حيرة دينية وقلق معذب فلما رجع «مسروق» للكوفة كتب
شموليته الخوارجية من الوجهة استشعروهما تجاه الخوارج. شهادة سبعين رج ًل قالوا إنهم
العملية التطبيقية ،لكنه ظهر فالخوارج لم يفتنوا الناس إلا شهدوه .فلما عاد سألته« :أكل
للمسلمين على وجه خطير كما بمظاهر إيمانهم والتزامهم الديني هؤلاء عاينوه؟ قلت :لقد سألتهم
لو كان ناب ًعا من التعلُّق المستقيم واستعدادهم للموت في سبيل الله فأخبروني بأن كلهم قد عاينوه،
بكتاب الله ،ومن قوة الإيمان الذي وتحكيم شريعته .والعثور على فقالت :لعن الله فلا ًنا فإنه كتب
يعتمل في نفوس أصحابه. جثمان المخدج حسب ما تص ِّور إل َّي أنه أصابهم بنيل مصر ثم
هذا الانطباع المغلوط عن إيمان الروايات لم يكن غير دليل نبوئي أرخت عينيها فبكت .فلما سكتت
الخوارج وتمسكهم بالقرآن هو على صحة موقف قتال الخوارج عبرتها قالت رحم الله عليًّا لقد
ما جر على الدوام أشخا ًصا لهم (وقد ظل «عل ٌّي” يرفض قتالهم كان على الحق»!
ما لشخصية «نافع المخدج» للحظة الأخيرة حتى أُجبر عليه).
من بساطة ذهنية وواقعية إلى ولطمأنة ضمائر الناس “تجاه ما وراء المخدج
الالتحاق بهم والقتال العنيف ما كانوا يجدونه” حسب ما
بين صفوفهم .وهذا الانطباع يقول خبر ،وما وجد الناس لم في كتاب «البداية والنهاية» لا
الساذج المغلوط سوف نصل يكن بالطبع غير الريبة في صحة يعلل «ابن كثير» تضارب أقوال
إليه لا محالة كلما اجتهدنا في
تغييب السياق الواقعي التاريخي موقفهم من الخوارج. «عائشة» في أخبار «المخدج»
(الدنيوي) للصراع القبلي بين كل ما تف ِّرعه الأخبار من أوصاف المتناسلة بالخصومة بينها وبين
الأمويين والهاشميين على سلطة «عليٍّ” ،خصو ًصا وأن خب ًرا منها
الحكم والخلافة ،وهو الصراع وشهود وإشهاد وشهادات ينسب لها الدهشة والاستنكار
الذي ورث الخوارج -من زمن متواترة عن أنباء ذي الثدية يذهب
الخليفتين «أبوبكر» و»عمر»- في اتجاه التأكيد على أن من ُقتلوا أمام تلك الأخبار .ويقول «ابن
موق ًفا منه يرفض إمارة الأمويين من الخوارج هم -وبعكس الظاهر كثير» إن «عائشة» استغربت
والهاشميين م ًعا .ولا يفيد في منهم« -شر الناس» ،وأنهم ليسوا حديث الخوارج ولا سيما حديث
تبديد هذا الانطباع الديني الوهمي -كما يظنون ويظن الناس -خير ذي الثدية ،لكنه يعلل ذلك بأن
عن الخوارج كل هذا التراكم «عائشة» كانت تجهل خبره ،فلما
المتسلسل من المعالجات الخبرية الناس إيما ًنا ولا أكثرهم تمس ًكا سألت عنه فيما بعد تيقنته!
الغيبية التي عالج بها الرواة بكتاب الله.
التدله الديني الساذج لشخص يبرر «ابن كثير» أي ًضا هذا
مثل «نافع المخدج» بهم ،وتقريبًا التزام الخوارج بالعبادات الفيض المتراكم من أحاديث
على طريقة داوني بالتي كانت هي وبأوامر ونواهي القرآن ورغبتهم الرواة عن المخدج -الأسطورة
اللامحدودة -واللامحددة كذلك- مثلثة الألقاب -بأنها من «دلالات
الداء في تحكيم القرآن في كل ما يشتجر النبوة» .لكن الظاهر أن الرواة
بين المسلمين من خلافات كبيرة جمي ًعا أعطوا أهمية قصوى
أو صغيرة وفي كل ما ينشأ بينهم
من علاقات دينية أو دنيوية ،كان