Page 57 - merit 50
P. 57

‫‪55‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

  ‫ورميته نحوها‪ ،‬لكنه تبعثر قبل أن يتجاوز حدود‬                            ‫رصيفي أو تفسد عليَّ خلوتي!‬
 ‫رميتي وارتد إلى وجهي! عاود ْت ضحكاتها البلهاء‪،‬‬        ‫افتراش الرصيف حكمة في الأمسيات الحارة! لكن‬
‫تمادت في سماجتها‪ ،‬رأيتها بنصف عي ٍن تكاد تكون‬         ‫الحارس أزعجني قائ ًل‪« :‬خش يا «علي» عشان أقفل‬
  ‫زائغة‪ ،‬ترسل قبلة في الهواء! بعدها توهمت شب ًحا‬
                                                                                            ‫البوابة!»‪.‬‬
  ‫جلبابه مهله ًل يلتفت يمينًا ويسا ًرا قبل أن ينطلق‬      ‫رمقته بنظر ٍة حادة‪ ،‬لم أجبه؛ أوليته ظهري دافنًا‬
                           ‫قاط ًعا الطريق نحوي!‬       ‫وجهي في التراب المتراكم بجوار السور‪ ،‬ثم رجوت‬

      ‫في طرفة عين؛ ألفيتها فوق رأسي‪ُ ،‬تبا ِعد بين‬                    ‫النوم أن يخلصني من هذا السمج!‬
          ‫ساقيها و»تشلح» جلبابها الممزق‪ ،‬لتبول!‬            ‫في الصباح أيقظني دفء غريب‪ ،‬جسدي مب َت ْل‬
                                                         ‫كأنني تبولت أثناء النوم‪ ،‬والصيف ليس موس ًما‬
      ‫لا أعرف لماذا عضوها الأنثوي كان مصبو ًغا‬        ‫لهذا الفعل! فتحت عين َّي فإذا ببطانية تغطي جسدي‬
    ‫بالمكروكروم الأحمر وتهتكاته وجروحه تلونتا‬
                                                                      ‫كله‪ ،‬وتحجب عني ضوء الشمس!‬
                                ‫بزرقة الجنتيانا؟‬            ‫بطانية جديدة‪ ،‬أذكرها جي ًدا؛ منذ أيام توقفت‬
    ‫ظللت مستلقيًا جوار السور‪ ،‬غريزتي ساكنة لم‬         ‫سيارة بجوار جارتي النائمة على الرصيف المقابل‪،‬‬
 ‫تتحرك‪ ،‬فأنا مذبوح الرغبة في النساء! لم تراودني‬        ‫نزلت امرأة تحمل في يديها بطانية‪ ،‬أفردتها بهدوء‬
 ‫يو ًما نحوهن شهوة‪ ،‬منذ َرش َق قبقابها في جبهتي‪،‬‬         ‫على جسد الفتاة‪ ،‬ثم عادت إلى سيارتها واختفت‬

                              ‫ربما؟ لست أدري!‬                                               ‫كالملائكة!‬
  ‫تاركة ثوبها ينسدل كما شاء‪ ،‬جلس ْت على الأرض‬            ‫رفست البطانية بقدمي‪ ،‬فسمعت ضحكاتها‪ ،‬تلك‬

   ‫المبتلة‪ ،‬مرددة في صوت ُيس ِمع كل من يرغب في‬             ‫الساكنة أمامي‪ ،‬فقبضت على حفنة من التراب‬
                                      ‫الاستماع‪:‬‬

                     ‫‪ -‬أمينة‪ ،‬اسمي أمينة‪ ،‬إزيك؟‬
                                ‫‪ -‬نعم يا أختي؟‬
                                       ‫‪ -‬إزيك؟‬

                             ‫‪ -‬حلو‪ ..‬عايزه إيه؟‬
           ‫‪ -‬عايزه أقعد معاك على رصيف واحد!‬
  ‫لم تمهلنِي فرصة للاختيار! تمددت على رصيفي‪.‬‬

                   ‫تكورت تحت إبط َّي في لحظات!‬
  ‫صارت «أمينة» بعد ليلة واحدة كالشمس وعوادم‬
 ‫السيارات وبصق المارة في النهار‪ ،‬كالقم ِر والنجو ِم‬
  ‫وشبا ِب يستتر في المساء بعالمنا‪ُ ،‬تف ِزعنا همساته‪،‬‬
 ‫نتسمر في الأرض حين تضربنا ضحكاته المكتومة!‬
‫يقتلنا الرعب عندما يحتد النزاع بينهم حول اقتسام‬
 ‫جرعات المخدر‪ ،‬يطلقها في أوردته‪ ،‬طلقات ُترعشه‪،‬‬

     ‫ينصرف بعدها منتشيًا أو يسقط مغشيًا عليه!‬
        ‫في صباح يوم عجيب‪ ،‬ليس حا ًّرا أو بار ًدا‪،‬‬

    ‫استيقظت لأول مرة في حياتي منتشيًا راغبًا في‬
‫ممارسة الجنس! كانت أمينة بجواري‪ ،‬مستلقية على‬

 ‫وجهها‪ ،‬وساقيها منفرجتين رغم ضيق الرصيف‪،‬‬
  ‫تنبعث من خلالهما رائحة عفنة تغمر أنفي! لكنها‬
 ‫مثيرة إلى حد بعيد! ربما حرارة جسدها والتصاقه‬
   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62