Page 15 - ملف الإنجاز - portfolio
P. 15
كانت ملابسه دائ ًما شديدة الاتساخ ،لا يلعب مع الأولاد ومستواه الدراس ي متدن بحسب ما سمعت
من معلميه .وبالطبع كما يقولون بأن الأشخاص ُيف ّكرون بواسطة طبيعتهم البشرية المليئة بالعيوب.
وهكذا بدأت خواطري السلبية تقول :هذا الطالب أمه مهملة وليست نظيفة ،لا تهتم بأولادها ،لا
ترعاهم ...كما وكنت أحاول بعدم الاقتراب من هذا الطالب بسبب الوضع الذي كان عليه .لكن الله
وهبني بالإنسانية وطيبة القلب .فلم أسمح لنفس ي يو ًما إحراج الطالب أو سؤاله عن حاله .لكن في
لحظة ما أثارني الفضول لمعرفة أمه التي سمحت لنفسها بإرسال ابنها إلى المدرسة في هذه الحالة.
بدأت بالسؤال عنه من مصادر مختلفة وخصوصا ممن يعرفون خلفية هذا الطالب جي ًدا .وأقصد في
ذلك أشخا ًصا ممن يقربونه .فبعد البحث ليس بالكثير تبين أن الطالب تركته أمه هو وإخوته وهربت
وحتى الآن لم تظهر .ووالده تزوج من امرأة أخرى وأهمل أبناءه وتركهم في رعاية جدتهم ابنة الثمانين
عا ًما والتي بحاجة لمن يرعاها .وبالطبع الجدة لا تستطيع الاهتمام بأحفادها ولا تدريسهم بسبب كبر
سنها .فيأتي الأولاد إلى المدرسة في هذه الحالة التي يرثى لها .وذلك بسبب والدين قاسيين انتزعت من
قلوبهما الرحمة وتركوا أبناءهم يتامى .فصدق الشاعر "أحمد شوقي" عندما قال" :ليس اليتي ُم َمن
انتهى أبوا ُه ِّمن َه ِّّم الحيا ِّة و َخ ّلفا ُه ذليلا إ ّن اليتي َم هو الذي تل َقى ل ُه ُأ ّم ًا َت َخ ّل ْت أو أب ًا َمشغولا".
حينها شعرت بالخجل من نفس ي ،وتألمت كثيرا لوضع هذا الطالب .وتعجبت من عدم مساعدته من
قبل مربيه والإدارة ،أو تدخل الشؤون الاجتماعية.
لم تكن الصلاحية بيدي لأصدر قرا ًرا وأخبر أح ًدا بشأن هذا الطالب .لكن ما استطعت فعله أني
بدأت أبدي اهتما ًما كثي ًرا لهذا الطالب ،التعامل معه بلطف ،محبة واحترام .وعملت جاهد ًة قدر
الإمكان بتعويضه عن الحنان والنقص الذي فقده.كنت أحضر له الهدايا بحجة أنه طالب مؤدب
وخلوق ويستحق ذلك .كانت تلك الهدايا متنوعة عبارة عن احتياجات تنقصه .وكنت أستغل
15