Page 36 - merit 53
P. 36
العـدد 53 34
مايو ٢٠٢3
د.عبد الستار جبر
(العراق)
السيرة الأدبية
بين الخلود والسعادة
رحلة تاريخية
بين الغيري والذاتي
احتضنت السير ُة الأدبي ُة ال َّسر َد وجعلت منه ما َّدتها الأساس ،سواء
أكان سر ًدا أسطور ًّيا-ملحم ًّيا أم واقع ًّيا .وهكذا تقول السير ُة إ َّنها صو ُت
ال َّذا ِت البشر َّي ِة ،بصفتها الجمعي ِة أو الفردي ِة ،هكذا ُتنادي ال ُّن ّقا َد أن
ُيصغوا لصو ِت ال َّسر ِد فيها ،فيستعينوا بالمناه ِج ال ّسرد َّي ِة ليقتربوا من
خصوص َّيتها الأدب َّي ِة ،لا أن يبتعدوا عنها حين ُيط ِّبقوا عليها المناه َج
البنيو َّي َة أو الأسلوب َّي َة أو حتى الأنثروبولوج َّي َة .هكذا ُتنادينا السير ُة أن
نفه َمها أكث َر ،سواء ما يتعلَّق بأشكا ِلها ذا ِت ال َّتخيي ِل ال َّذاتي أو ال َّتخييل
الجمعي .فهل س ُنصغي لندا ِئها هذا؟
بذلك ،لأ َّنه أم ٌر يغوص في غياه ِب التَّك ُّهنا ِت البدء ِكانت ال ِّسير ُة».. «في
لغيا ِب الأدلَّ ِة التَّاريخي ِة والآثاري ِة الحاسم ِة، أستعي ُر ،هنا ،العبار َة الإنجيليَّ َة
لكن بنظر ٍة تأملي ٍة في أقدم ن ٍّص بشر ٍّي مدو ٍّن ال ّشهيرة «في البد ِء كانت الكلم ُة»،
شهي ٍر وصلنا سنج ُد أننا أما َم شك ٍل من أشكا ِل
السير ِة ،وإن اتخذ مصطل ًحا أدبيًّا مختل ًفا ،إ ّنه بتغيير (الكلمة) إلى (ال ِّسيرة) ،لأسته َّل
«ملحم ُة كلكامش» ،التي تروي سير َة أح ِد الملوك بها الحدي َث عن هذا ال ِّجنس التَّأليفي
ال ّسومريين ،في القرن 26ق.م ،وتحدي ًدا خامس الواسع ،للإشارة إلى ِقدم ِه وعراقت ِه البعيد ِة؛
ملوك مملك ِة أُوروك .إنها ملحم ٌة بخصائصها
الأدبي ِة كقص ٍة بطولي ٍة طويل ٍة ،لكنها في جوهرها وإذا ما انبثق سؤا ٌل استنتاج ٌّي وأدبيًّا. تاريخيًّا
سير ٌة غير َّي ٌة عن شخصيّ ٍة تاريخيّ ٍة وليست يقول :هل ُتع ُّد ال ّسير ُة ،بذلك، العبار ِة عن هذه
أ َّو َل شك ٍل أدبي ظهر في التّاريخ؟ فإ َّن الإجاب َة
عنه بالتّأكي ِد ستكون :أ َّنه لا يمكن القط ُع