Page 41 - merit 53
P. 41

‫‪39‬‬             ‫إبداع ومبدعون‬

               ‫رؤى نقدية‬

                                                                 ‫بالقبول وتشتهر بالتداول‪،‬‬

                                                                 ‫فتنقل عما وردت فيه إلى‬

                                                                 ‫كل ما يصح قصده بها‪،‬‬

                                                                 ‫من غير تغيير ليلحقوا في‬

                                                                 ‫لفظها‪ ،‬وعما يوجبه الظاهر‬

                                                                 ‫إلى أشباهه من المعاني‪،‬‬

                                                                 ‫ولذلك ُتضرب وإن جهلت‬
                                                                 ‫أسبابها التي خرجت‬

                                                                 ‫عنها»(‪.)3‬‬

                                                                 ‫ولا يب ُع ُد عن هذا كثي ًرا‬
                                                                  ‫الدكتور رابح العوبي‬

                                                                 ‫عندما يعرف المثل بأنه‪:‬‬

                                                                 ‫«قول سائر أو مأثور‪،‬‬

                                                                 ‫فرضي أو خرافي‪ ،‬يتميز‬

                                                                 ‫بخصائص ومقومات‪ ،‬فهو‬

‫نبيلة إبراهيم‬  ‫أحمد تيمور‬                             ‫أحمد أمين‬     ‫يدل في صميمه على ما‬
                                                                 ‫يمثل به الشيء دون تغيير‬

 ‫تكبدت عناء حماية هذه المادة الشعبية من الدروس‬        ‫في المعنى‪ ،‬مع مخالفة لفظه للفظ المضروب الذي قام‬
    ‫والزوال‪ ،‬ومع ذلك ما زالت تعاني من التهميش‬
                                     ‫والإقصاء‪.‬‬        ‫مقامه على وجه تشبيه حال الذي حكى فيه بحال‬

  ‫أما في العصر الحديث‪ ،‬فقد تنبه إلى هذا اللون من‬      ‫الذي قيل لأجله وهذا تشبيه بالمثل الذي يعمل عليه‬
‫أشكال التعبير باحثون فطنوا إلى ما ينطوي عليه من‬
‫تراث فني خالد‪ ،‬فسعوا إلى جمعه على شكل دواوين‬                     ‫غيره»(‪.)4‬‬

     ‫أو متون تحفظه لنا وللأجيال القادمة‪ .‬وتلاحظ‬       ‫وتنقل نبيلة إبراهيم تعري ًفا دقي ًقا للأستاذ «فريدريك‬
‫نبيلة إبراهيم أن البلدان العربية اعتنت بجمع أمثالها‬
                                                      ‫زايلر»‪ ،‬مؤلف كتاب «علم الأمثال الألمانية»‪ ،‬المنشور‬
  ‫الشعبية‪ ،‬وبذلك «أصبحنا نمتلك مؤلفات في أمثال‬
     ‫الجزيرة العربية‪ ،‬وأمثال نجد‪ ،‬وأمثال الموصل‪،‬‬      ‫عام ‪ ،1922‬يشير فيه إلى أن المثل هو «القول‬

‫وأمثال بغداد‪ ،‬إلى غير ذلك»(‪ )6‬فقد جمع أحمد تيمور‬      ‫الجاري على ألسنة الشعب‪ ،‬والذي يتميز بطابع‬
 ‫الأمثال العامية المصرية في كتابه «الأمثال العامية»؛‬
‫كما دون أحمد أمين أمثلة هائلة من الأمثلة في كتاب‬      ‫تعليمي‪ ،‬وشكل أدبي مكتمل يسمو على أشكال‬

    ‫«قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية»‪.‬‬                 ‫التعبير المألوفة»(‪.)5‬‬
    ‫أما في المغرب‪ ،‬فنجد كتا ًبا لإدريس دادون سماه‬
                                                      ‫والذي يظهر لنا مما سبق‪ ،‬أن المثل الشعبي يكتسب‬
                      ‫«الأمثال الشعبية المغربية»‪.‬‬
                                                      ‫قوته من اقتضابه‪ ،‬وهذا ما يسهل تداوله بالألسن‬
  ‫‪ -2‬خصائص المثل الشعبي العامي‬
                                                      ‫وانتقاله بشكل يسير بين الأفراد والمجتمعات‪ ،‬فهو‬
  ‫يتميز المثل الشعبي‪ ،‬عن غيره من الفنون الشعبية‬
   ‫الأخرى‪ ،‬بمجموعة من الخصائص تجعل منه فنًّا‬          ‫يلخص لنا تجارب المجتمع وعاداته وتقاليده؛ كما‬

                                                      ‫أنه شكل من أشكال الأدب الشعبي يحفظ لنا مأثور‬

                                                      ‫الأقوام السابقة للأجيال اللاحقة لكي ُيعرفهم عقلية‬
                                                         ‫تفكيرهم وأنماط سلوكاتهم‪ .‬ولذلك‪ ،‬ليس غريبًا‬
                                                        ‫أن يحظى هذا النوع من أشكال التعبير بالدراسة‬
                                                      ‫جم ًعا وشر ًحا منذ القديم؛ فنحن نقرأ اليوم ما أُ ِثر‬
                                                      ‫عن أجدادنا من أمثال كما جمعها الميداني في كتابه‬

                                                      ‫«مجمع الأمثال»‪ ،‬وكما فعل ابن عاصم الكوفي في‬

                                                      ‫«كتاب الفاخر»‪ ،‬إلى غير ذلك من الأعمال القيمة التي‬
   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46