Page 86 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 86
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
التحليل السوسيولوجي
لمخاطر وتحديات الأمن القومي المصري
رؤية نقدية
أ.د /أحمد مجدي حجازي
بمفهـوم أكثـر اتسـاعا هـو مفهـوم التنميـة الشـاملة المفهوم الاجتماعي للأمن القومي:
والمسـتدامة ،أو أكثـر تخصصـا مفهـوم التنميـة
البشـرية المسـئول عـن فاعليـة مشـروعات التقـدم أثـار مفهـوم الأمـن القومـي فـي العصـر ال ارهـن
جـدلا عميقـا بيـن الباحثيـن والعلمـاء ورجـالات
الإنسـاني قاطـرة الأمـن المجتمعـي. الفكـر السياسـي والعسـكري والاجتماعـي ،وذلـك
بسـبب متغيـ ارت العالـم وتطـور الفكـر الاسـت ارتيجي
وهنـا يشـير “لو ارنـس كـروز» و “ج .نـاي” إلـى والمعرفـي ،فقـد أثبتـت الأحـداث أن مفهـوم الأمـن
أن تحقيـق الأمـن القومـي يعنـي غيـاب التهديـد القومـي لـم يعـد هـو المصطلـح التقليـدي للأمـن،
بالحرمـان الشـديد مـن الرفاهـة الاجتماعيـة ،ويتفـق فالمعنـى الواضـح يشـير إلـى القـوى الشـاملة للدولـة
فـي ذلـك “روبـرت ماكنمـا ار” حيـن يقـرر أن الأمـن التـي تشـتمل علـى القضايـا ذات الطابـع العسـكري
القومـي يتلخـص فـي مفهـوم التنميـة ،فبـدون التنميـة
لا يمكـن الوصـول إلـى مجتمـع مسـتقر وآمـن علـى والسياسـي والاقتصـادي والاجتماعـي.
المسـتويين الفـردي والمجتمعـي مـن ناحيـة والداخلـي
كمـا اتضـح أن التهديـدات التـي تؤثـر علـى الأمـن
والخارجـي مـن ناحيـة أخـرى. القومـي لا تأتـي مـن الخـارج فقـط ،بـل قـد تنبـع مـن
داخـل الوطـن ذاتـه نتيجـة لسـوء السياسـات التـي
أبعاد الأمن القومي: تؤثـر علـى المواطنيـن .لـذا تشـير دائـرة المعـارف
للعلـوم الاجتماعيـة ،إلـى أن مفهـوم الأمـن القومـي
أوضحـت تعريفـات الأمـن القومـي وجـود أبعـاد يعنـي فـي أبسـط معانيـه قـدرة الدولـة علـى توفيـر
متطلبات الحياة الاجتماعية للمواطن ،وتفسـير ذلك
متعـددة تمثـل قوتـه أو ضعفـه ،كمـا تؤكد الد ارسـات أن وظيفـة الدولـة هـي وظيفـة اجتماعيـة فـي المقـام
الخاصـة بمجـالات الأمـن القومـي تداخـل تلـك الأول وعلـى أرسـها الحمايـة الذاتيـة للمجتمـع ،أي
الأبعـاد ،ويتضـح أيضـا أن هـذه الأبعـاد إذا تعرضـت حمايـة القيـم الاجتماعيـة والثقافيـة مـن التهديـدات
للتهديـد كلهـا أو بعضهـا ،يصبـح الأمـن القومـي كلـه والتحديـات المؤثـرة علـى اسـتق ارر المجتمـع وتوازنـه.
مهـدًدا ،وأن ضعفهـا يهيـئ سـبل اخت ارقـة. وهنـا يـكاد ُيجمـع الباحثـون فـي شـئون المجتمعـات
ويتكـون الأمـن الوطنـي ،علـى أي مسـتوى كان، البشـرية – رغـم توجهاتهـم الفكريـة والإيديولوجيـة،
مـن عـدة أبعـاد محوريـة تختلـف قـوة كل منهـا، ورغـم مجـالات تخصصاتهـم المختلفـة – علـى
باختـاف خصائـص الدولـة ،كمـا تتميـز دول بقـوة أن مفهـوم الأمـن القومـي تخطـى الحمايـة الأمنيـة
ُبعـد بعينـه عـن غيرهـا مـن الـدول ،طبقـا لمكونـات لأ ارضي الدولة وحمايتها من أيه تهديدات خارجية،
البعد وتعدد نقاط القوة فيه .كما لا ُيشترط أن تكون وأصبـح يركـز علـى توفيـر متطلبـات الحيـاة الكريمـة
نقطـة القـوة فـي دولـة مـا ،هـي نقطـة القـوة ذاتهـا للمواطنيـن ،ولـن يتأتـي هـذا إلا مـن خـال ارتباطـه
فـي دولـة أخـرى .وبت اربـط مكونـات البعـد ،وتأثـره
بالأبعـاد الأخـرى ،تتحـد قـدرة الدولـة وإمكانياتهـا.
86