Page 93 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 93

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                 ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫إن كل ذلك من شـأنه هدم أسـس النظام‪ ،‬بل هدم‬                           ‫ج ‪ -‬البطالة وانحسار فرص العمل‪:‬‬
‫أسـس الدولـة ككل اقتصاديـا وسياسـيا‪ ،‬إلـى جانـب‬
‫البعـد الاجتماعـي المؤثـر فـي المواطنـة والـولاء‬           ‫ُيعـد تقلـص فـرص العمـل أمـام المواطنيـن‬
                                                           ‫مـن القادريـن علـى العمـل مـن أهـم المشـكلات‬
                                     ‫للمجتم ـع‪.‬‬            ‫الاجتماعيـة التـي تبـرز عامـا محوريـا أمـام تحقيـق‬
                                                           ‫الأمـن القومـي‪ ،‬فالعمـل هـو محـور حيـاة البشـر‪،‬‬
         ‫د ‪ -‬الأمية وتحديات الأمن القومي‪:‬‬                  ‫فمـن خلالـه يسـد الفـرد ليـس فقـط حاجاتـة الماديـة‪،‬‬
                                                           ‫بـل هـو أكثـر مـن ذلـك فهـو يشـبع حاجاتـه المعنويـة‬
‫تُعـد قضيـة التعليـم مـن أهـم القضايـا المؤثـرة فـي‬        ‫الإنسـانية بصـورة مباشـرة أو غيـر مباشـرة‪ ،‬حيـث‬
‫تكويـن شـخصية الفـرد‪ ،‬بـل تشـكيل شـخصية الأمـة‬             ‫يحقـق أيضـا قيمـة الشـعور بتحقيـق الـذات‪ ،‬والشـعور‬
‫كما أوضح بجلاء عميد الأدب العربي طه حسين‪،‬‬
‫وكـذا الباحثـون فـي مجـال علـم الاجتمـاع وعلـوم‬                               ‫بالأمـان والأمـن الاجتماعـي‪.‬‬

                       ‫التربيـة والتعليـم والثقافـة‪.‬‬       ‫هـذا وتعكـس البيانـات الرسـمية والإحصـاءات‬
                                                           ‫الوطنيـة الصـادرة عـن الجهـاز المركـزي للتعبئـة‬
‫ومـن ثـم كلمـا ارتقـى المسـتوى التعليمـي‬                   ‫العامـة والإحصـاء المصـري والبيانـات الدوليـة‬
‫فـي أمـة مـن الأمـم تعاظمـت مكانتهـا بيـن الأمـم‬           ‫الصـادرة فـي تقاريـر التنميـة البشـرية انحسـار‬
‫وأصبحـت صانعـة للحضـارة والتقـدم‪ ،‬فبـدون التعليـم‬          ‫فـرص العمـل أمـام الإنسـان المصـري رغـم قدرتـه‬
‫الجيـد تختفـي درجـات الوعـي لـدى المواطنيـن‪،‬‬
‫وتضعـف بالتالـي عناصـر قـوة الدولـة ممثلـة فـي‬                                              ‫علـى العمـل‪.‬‬
‫مواطنيهـا ومـدى قدرتهـم علـى مواجهـة تحديـات‬
‫العصر؛ عصر الثورة المعرفية والمعلوماتية‪ ،‬وزمن‬              ‫كمـا تعكـس البيانـات الإحصائيـة قضيـة مهمـة‬
‫مـا بعـد الحداثـة‪ ،‬والتقـدم التكنولوجـي وسـرعة التطور‬      ‫فـي شـأن التنميـة الاقتصاديـة والاجتماعيـة‪ ،‬حيـث‬
‫التقنـي فـي كافـة مجـالات الحيـاة بمـا تحملـه مـن‬          ‫تؤكـد علـى أن إهمـال قضيـة توفيـر فـرص العمـل‬
‫تقـدم لتحقيـق الرفاهيـة الاجتماعيـة للمجتمـع البـارع‬       ‫للقادريـن علـى العمـل تُعـد مـن أكثـر القضايـا المؤثـرة‬
‫فـي سياسـات التعليـم والتقـدم الحضـاري‪ ،‬وفـي نفـس‬          ‫علـى ضعـف انتمـاء المواطـن المصـري؛ وبالتالـي‬
‫الوقـت مـا تخفيـه مـن قيـم تدميريـة فـي المجتمعـات‬         ‫غيـاب مصالـح الدولـة فـي تفكيـره والتركيـز علـى‬
                                                           ‫مصالحـه الشـخصية‪ ،‬ومـن ثـم تبـرز ظاهـرة الهجـرة‪،‬‬
     ‫التـي تتميـز بتدنـي مسـتوى ونوعيـة التعليـم‪.‬‬          ‫خاصـة لـدى القـوة الرئيسـية فـي المجتمـع المصـري‬
                                                           ‫ألا وهـم الشـباب‪ ،‬وهـو مـا يعاظـم مـن ثقافـة النقـد‬
‫حيـث تتبايـن الأمـم بيـن نمطيـن مـن أنمـاط‬
‫التعليـم‪ ،‬المجتمـع ال ارغـب فـي التحضـر المعرفـي‪،‬‬                        ‫غيـر الموضوعـي للنظـام وللدولـة‪.‬‬
‫والمجتمـع الجاهـل بأمـور التعليـم وجودتـه‪ ،‬لـذا‬
‫انقسـمت المجتمعـات معرفيـا بيـن رقـي علمـي‬                 ‫وفي سبيل البحث عن إشباع حاجاتهم المادية‬
‫لمواجهـة تحديـات متناميـة‪ ،‬وأخـرى تفتقـد لذلـك‬             ‫وكـذا المعنويـة يتـم اسـتغلالهم فـي عمليـات غيـر‬
‫فتنحـو نحـو الخ ارفـة والجهـل والتخلـف‪ ،‬بـل أصبحـت‬         ‫وطنيـة‪ ،‬إلـى جانـب تغييـب القانـون فهـم يبحثـون إمـا‬
‫السـيطرة الآن بعقـول بشـر لهـم طموحـات كبـرى‬               ‫عـن واسـطة تؤهلهـم للعمـل علـى حسـاب الكفـاءات‬
‫لصالـح بلدانهـم وعقـول تقبـل السـيطرة والتبعيـة‬            ‫والمواهـب التـي يتحلـى بهـا الغيـر‪ ،‬أو ينخرطـون‬
‫والمحـاكاة للغيـر‪ ،‬وهنـا يصبـح الفـرق بيـن الرقـي‬          ‫فـي أعمـال غيـر شـرعية أو الانسـحاب الطوعـي أو‬

                          ‫والبحـث عـن البقـاء‪.‬‬                      ‫القصـري مـن المشـهد الاجتماعـي العـام‪.‬‬

                                                       ‫‪93‬‬
   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98