Page 94 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 94
الأفلام التسجيلية والوثائقية
-3فكرة تعرية الطبيعة البشرية بكل دخائلها ونواقصها ،بقيت الموضوع الأساسي المطروح في
هذه الأفلام ،من خلال الشخصيات التي تسعى لتقديمها ،والتي هي أساس السينما الوثائقية،
تماما كما هي في الحياة ،لا من الخلف ،ولا من الأمام ،ولا من الجنب ،بل وجها لوجه ،منذ فيلم
"نانوك ابن الشمال" منذ حوالي مئة عام وحتى الآن ،تصديقا لقول كارل ماركس" :أساس كل
الفنون هو الإنسان".
-4ارتكزت قصص معظم الأفلام الوثائقية في سردياتها على المصادرة الموضوعية (تسجيل)
للواقع قيد حدوثه ،ليكون دلالة على نفسه ،على أساس أن الذاتية الوحيدة هي في طريقة رؤية
ونقل الوقائع التي تم التقاطها في كليتها الفاعلة ،وهو أمر عابه النقاد على تلك القصص ليس
من حيث أفكارها ومواضيعها ،ولكن من حيث أن الفن يتمثل في إبداع المدلولات بواسطة
الصور والكلام والأصوات وفقا لتنسيق تضميني سيميوتيكي ،وليس بنسخ الواقع كما هو!.
-5قصص معظم الأفلام الوثائقية ،أحداث يمكن أن نعايشها في الحياة ،بكل تلقائيتها وعفويتها،
لكن ما يميزها محاولة التقاط لحظات بعينها وتثبيتها من الحياة ،مع التركيز على الجانب النفسي
لشخصياتها ،وهي بالغالب شخصيات متأثرة بيئتها ،لا تتحول أو تتطور بالمعنى الد ارمي ،بل
بشكل حدسي فطري ،تفصح عن نفسها من خلال أفعالها وعواطفها المتصلة بها اتصالا وثيقا،
فتقف حائرة لا تدري ما يجب أن تفعل ،ولذلك معظم نهايات الأفلام الوثائقية ،نهايات غير
حاسمة ،كما هي الحياة.
-6جوهر الأفلام الوثائقية ،هو الموضوع ذاته ،والشخصيات بأبعادها الإنسانية المختلفة،
ومعايشة الحياة اليومية بكل ما تحمله من عشوائية وتناقض ،كأساس في سبيل محاولة اكتشاف
القوة الخاصة جدا للحظة ،وهي لحظات يطمح صانعو تلك الأفلام للتعبير عنها بكل الوسائل
السردية والفنية الممكنة.
-7قصة الفيلم الوثائقي ،كما يقول "تينيانوف"" :يمكن فقط تخمينها ،ولكنها لا تقدم لنا" ،لأنها
تتكون بالمقتطفات واللمسات ،والعرض الذي هو نفسه الأحداث ،والذي يسميه ُكتاب السيناريو
"بالحبكة ،"Syuzhetالذي يمنح الفيلم شكله الد ارمي ،ويثير لدى المتفرج الرغبة بالاستنتاج
وتركيب معلومات القصة ،والمميز في الفيلم الوثائقي أن الواقع هو الذي يتحكم بالحبكة ،على
83